Sunday, September 19, 2010

على عتبة الثلاثين .. نقطة ومن أول السطر


قفز الرقم في وجهي كلكمة ، صفعنى كلطمة ، صعقني كصدمة ، بهتني كوصمة ، خنقني كأزمة

( 30 )...

الرقم الكمين الذي ظننت انني أراوغ للإفلات منه لكنه أرسل مخبريه الأجلاف فاقتادوني من قفاي إلى الباشا البارد الذي يقبع هادئا واثقا خلف مكتبه في مركز قيادة الزمن.. العدد المسنون الذي كنت أتقافز بين درجات الحياة ودركاتها وأجري وأحلق وأرقص وأحبو أكبو ظانا نفسي في منأى من قبضته ومنجى عن سطوته .. لكني في الواقع كنت كالباقين فأرا مسجى على قضبان الزمن موثقا بخيوط غير مرئية أقوى من الحديد والقطار قادم لا محالة ..

عندما ادركت تلك الحقيقة وددت لو اتبخر .. أنفقىء .. اتلاشى .. أكتشف اني سراب كان يغط في نوم عميق ويجدف في حلم شاسع بعمق وطول 30 عاما ! أي من ذلك لم يحدث ..ودهسني قطار العمر وها أنذا ألج الثلاثين وأنال ختم السنين على جبيني المسكين

الثلاثون عاما كانت جميلة في المجمل .. بفضل المولى الكريم لم أعان من محن أو أزمات عاصفة أو ظروف خانقة .. وإذا كان الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أرشد إلى أن من بات آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بما فيها ، فقد من علي المنعم العظيم بحوله وقوته بحياة آمنة في أسرة جميلة هادئة هانئة مستقرة لا تشوب مسيرتها الحياتية سوى بعض منغصات ومناوشات من الوزن المعتاد بحكم كوننا بشرا .. وبدلا من قوت اليوم لدي بفضل الله تعالى وحوله قوت أيام وأسابيع ، وعافية الجسد طالما اغرتني وسولت لي البرطعة في جنبات الحياة بهدف واضح حينا .. وبلا معنى ولا هدف أحيانا كثيرة جدا !!

س: ماذا إذن ؟ وعلام تلك الولولة على الأيام والثلاثين عام ؟

إنه الزمن يا صديقي .. الشلال الرهيب الذي يجرفنا إلى بعيد عن نقطة الأصل في حياتنا ومركز الكتلة والطاقة ومخزن البهجة وقصر الفرحة ونبع هنائنا الاصلي الوثير الصافي .. الزمن بحد ذاته رفيقق غير مريح .. لا يكف عن نفث الوساوس والهواجس في روعنا الملتاث المهترىء خلقة .. ولولا لطف العلي القدير لكنا من الذاهبين مع الريح ..

س: متى تجسدت تلك الحقيقة واستوت إزائي لحما ودما وفزعا قائما لا يرحم ؟؟

عندما كنت اطالع مدونة أحد زملاء جيلي المجوف الخاوي الخائر المغبون ، هو صحفي عرف من أين تؤكل الكتف وعلى أي المذاهب فشواها والتهمها إسلاميا و ليبراليا ! وحبس بعدها ببراد شاي ، بين الحين والآخر كنت أزور مدونته لأقف على أحدث تجليات صعوده المثير للتساؤل بحجم إثارته للقرف ! خصوصا واننا مشتركان في كوننا تربينا على الولاء لقيم ومثل أرضعها لنا أشبالا رجال صالحون حتى إشعار آخر ، باعث غامض جعلني أدخل البروفايل الخاص به على المدونة ، لأجده هناك بانتظاري ممدا بغطرسة ، شاخصا بتهكم كأنما يقول أين المفر يا صديقي ؟... 30 .. وجدت ان زميل جيلي المولود معي في نفس العام بلغ الـ 30 .. كدت أصرخ بجزع مستغيثا : لم نتفق على هذا .. لكنى استدركت على نفسي : مع من ..؟ اتفقت مع من يا بني آدم ؟؟ .. الزمن لا يتفق مع أحد .. هو يتركك مغرورا تمضي سادرا في أحوالك التى اخترتها بإرادتك وصنعتها على عينك وبين الحين والآخر يلاقيك عند محطات محسوبة ومقدرة من لدن الحكيم الخبير ليقول لك : خد بالك !

الزمن يا صديقي .. الدائن العجيب .. الذي يحصل ديونه منا حسرات وزفرات كفيلة بإحراق كل غابات الوجود .. وأشجار الدنيا .. وفاتنات الاحلام .. وحوريات الحكايات .. وثياب الساعات .. ساعاتنا في الحياة .. لتعريها .. ولأن الساعات هي نحن .. فنحن الآن عرايا ... يا صديقي !

*****************

استغرقت أسابيع كاملة لأستوعب الحقيقة : أنا كبرت !!!!!

صرت من ذوات الثلاثين !!!

أنا الذي لم يبارح قلبه ذلك الجسد الصغير البدين نسبيا الأمور شكليا ذو المريلة الكحلي ، الذي يقضي نهاره في الفرجة على أفلام الكارتون في حضانة على بحر العريش الساحر .. بلغت الثلاثين .. يا عالم .. يا شجر .. يا نجوم .. يا زحام .. يا سفر .. يا طريق .. يا صديق .. من ينقذني .. من يوقظني ؟؟

***********

بعد ذلك الانفجار العظيم الذي داهمني باكتشاف بلوغي الثلاثين هدأت بحار النار التى سكنت روحي ، وتلمست يبسا ضئيلا حططت فوقه والعالم حولي ضباب ودخان .. فورا اكتشفت أن اخطر ما في الأمر ليس كوني بلغت الثلاثين في ذاته ، وليس كوني ولجتها بدون زوجة ولا ذرية كما يؤكد والداي .. لكن الاخطر في القصة كلها أني لم أقل كلمتي بعد .. لم أدل بشهادتي للآن .. حتى اللحظة لم أصرخ في وجه العالم وأقرعه وأسمعه من الكلمات ما إن معانيه لتنوء بالعصبة أولى الحكمة .. لم أنتح جانبا بكل نجمة في السماء وأجعلها تفضي لي نشوانة بأسرار القرون التى تتابعت وتشققت وذراها النسيان تحت سمعها وبصرها .. و تبوح لي – مثلا – بآخر اعترافات الشياطين الذين احترقوا بشواظها عقابا على إصرارهم على ركوب رءوسهم ومطاوعة عنادهم والصعود لاستراق السمع للأسرار العلوية .. وكذلك كيف استطاعت – النجوم – كبح نقمتها على بنى البشر وأمسكت نفسها عن نسف عالمهم نكاية بمعاصيهم التى جمدت الدم في عروق الجبال !

وأني لم أصنع بساط الريح وأعوم على متنه بين امواج الأثير لأسمع نجوى ذرات الهواء التى تتسلى بها خلال ورديات العمل على حفظ حياة الأرض !

وأني لم أشرع بعد في تحقيق الحلم الجميل العنيد الذي غرسه شيوخنا فينا ونحن صغار بأن نكون طلائع عودة الزمن الطاهر الاول .. زمن الاحلام والمثل العظيمة .. عصر العدل والحرية والرحمة والتكافل والقوة والألوان والنور والبهجة والحب ونصاعة المعاني .. زمن الرسول والصحابة والتابعين الأبرار ومجد الإسلام وعز الحقيقة ومنعة اليقين وشموخ الأمل

و أني بعد لم أكتب رواياتي عن الحسين وحسن البنا وجلال الدين الرومي والنورسي

باختصار يا صديقي .. أسوأ ما في ثلاثينيتي انني بلغتها وحيدا خاويا تصفر رياح الحيرة والتساؤل داخلي محدثة صرخات رعب من الزمن وسطوته وجريان الأيام وصولتها

*********

رويدك يا صديقي ولا تعجل وتأخذ بلحيتي ورأسي وتصرخ في وجهي : هو أنا ناقص كلاكيعك وأحزانك ؟؟ .. ودعني مشكورا مأجورا أفضي لك بالمزيد عن أشد آلام الثلاثين التى وخزت قلبي مع دق منبه الزمان السرمدي - ولعمرك يا عزيزى إن لدقه لدويا يذهل الروع ويسلخ الروح ويعصف باللب ويعصر القلب – و أقصد بذلك عافاك الله من كل ذلك ولا أذاقك حزنا على أيامك - أني أدلف الثلاثين هذه الأيام وقد انطفأ كل شىء أمامي وحولي .. وذوت حيوية الاحداث والوقائع وصار صدؤها ينز صديدا وفقعا ورتابة ومللا .. خبا بريق الأوقات وغاضت معالم الأشخاص واستحالوا إلا قليلا كتيبة إعدام جهنمية للاحلام والآمال والجمال والبساطة والإيحاء والإثارة

واحدا واحدا تساقط الرموز أمام عيني .. كنت شاهد عيان على سقوطهم .. أغلب الرجال الذين كانت أقصى أحلامي مصافحتهم باليد صرت الآن أتقزز من مجرد تذكرهم واستدعاء أسمائهم وملابسات لقائي بهم ودخولهم حياتي .. صرت أصاب بالغثيان لمجرد مشاهدة احدهم في الإعلام سواء كانوا كتابا أو دعاة أو شيوخا أو مثقفين أو صحفيين .. أغلب هؤلاء أسفرت ضمائهم الملعونة عن حقيقة انها لم تكن يوما سوى بيوت دعارة للكلمات والمعاني والمثل الرفيعة .. كرهت الكلام والكتابة لأنهما تجارتهم وسبوبتهم .. لا يقولون إلا زورا .. ولا يغشون إلا فجورا .. يكتبون بوقاحة من يحرف كتابا مقدسا .. ويتحدثون في الفضائيات ببشاعة من يتبرز في طريق عام .. ألا قاتلهم الله اني يؤفكون .. وفضحهم حيث يطنطنون .. وأهلكهم إذ يبرطعون ويلعبون البيضة والحجر بالمعاني العظيمة والقيم السامقة ابتزازا لعواطف العامة وأموال الخاصة ودعم الماصة ( الذين يمصون دم الشعوب و يأكلون مال النبي ويسبغون على هؤلاء الحواة حماية ضمنية ليواصلوا أدوارهم في التمثيلية )

***********

لست يائسا يا صديقي المبجل ..

كلا وحاشى .. اليأس عندنا كفر ..

أضف معاليك إلى هذا انني بعد كل ذلك القرف المضني والتقزز المفجع لم يعد لي حصن ولا ملاذ سوى الإيمان وملاحقة اليقين وإسعاف وتجميع بقايا الحقيقة المتساقطة من براثن وأسنان وأقلام كهان الكلمات الكتبة أولئك .. فقط كنت أشرح لسموك الاجواء التى قادتني لهذا القرار : طز في العالم والبشر والحجر والشجر والبقر الذين يتدحرجون في الطرقات بالملايين ويجلسون ليلا امام الفضائيات بالساعات ليتسلوا بإعادة إخراج واقعهم ومعاناتهم .. وليحيا خلاصي الخاص : الإيمان الذي يجب ان يترجم إلى شهادة من كلام وحكايات ، وسباب لو لزم الامر لهذا العبث والقبح المريدين الذين يعصفان بجمالنا وسوائنا وسكينتنا وبهائنا.. ونلتقي بعد فاصل قصير إنشاء الله تعالى

Saturday, July 12, 2008

بنت الحزن



إيمان..

أعرف أن الألم يعتصرك..لكن صدقيني ..ليس الأمر كله شرا،بل إنه – من زاوية أوسع – لا يحوي شرا على الإطلاق..على الأقل أنا الآن أوفر شجنا وصفاء وخصوصية بما يناسب أن أخرجك من داخلى وأضعك أمامي ..أجلس إليك..أحدثك طويلا ..أتملى عن كثب في عينيك ذواتي الحزن المترامي و اللوعة المستطيرة، اللتين لا أملك أن أعلن أنهما رائعتين إلا لنفسي.. وأحاول أن أتصور مخرجا لمحنتك..أو على الأقل أتخيل سيناريو إنسانيا لأحد الاحتمالات المتوقعة لحياتك في هذه الظروف..تأملت مليا الرقعة الحميمة البراقة التي غزوت فيها بعذوبة آسرة تاريخي الشخصي والتي ستفترش أيامي حتى أموت يوما ما في مكان ما لأني لا أنوي التمرد على احتلالك أبدا..لحظة مجيدة بالتأكيد تلك التي تشهد انبثاق ذلك الشىء بين اثنين ،كانت في حالتنا عندما رأيتك لأول مرة في مظاهرة منددة بالرسوم الصليبية المسيئة للرسول الكريم..توقفت عن التصوير عندما مررت أمامي ..كان مرآك أطهر من أن أحبسه في ظل داخل فيلم داخل كاميرا تختزل بهاءه في صورة تلصق على صفحة جريدة ترتزق من الاحتفاء بالأحداث النبيلة في حياتنا ثم لا تعدو قيمتها أن تكفن بها سندوتشات الغلابة في مطاعم الفول الذي أصبح صينيا بدوره..سجلتك تسجيلا أبديا في قلب الروح ..كان ناصعا وصادقا وجياشا ذلك الحزن الحقيقي المنثال من عينيك ..حزن لم أجده طوال تطوافي كصحفي على سائر المظاهرات التي خرجت لنفس السبب..كان الرسول محفورا في نظراتك يقود بجلاله النبوي مسيرة فجيعتك ..أعتبرأنني تعلمت الصحافة عمليا عليك و بك ..بحثت عنك .. خضت الجموع وراءك بلهفة باحث عن خلاصه الوحيد الذي لو فاته لتردى في الهالكين..تمايل قلبي .. إذ علمت أنك إخوانيةل مثلي ..كانت سعادة عاصفة تسلمني لأخرى ..لفرط الفرحة سولت لي نفسي أن الأمر سهل والحلم في متناول اليد..جلست مع نفسي أحسب كل شىء ..أنا أعمل ..دخلي معقول ويتطور ويمكنني زيادته بمزيد من العمل..أسرتي طيبة بسيطة وأنت أيضا..الخدش الأول لنشوتي جاء عندما عرفت من الإخوة في منطقتك أن والديك ليسا من الإخوان لكني عولت على أنهما حتما عظيمين لينجبا مثلك..لكن سرعان ما داهمتني صدمة أخرى عندما وقفت على واقع معاناتك داخل أسرتك ..تدينك الذي يعتبرونه مبالغا فيه ..شكل حجابك الذي يرونه فوق ما تحتمل أنوثة فتاة في سنك وجمالك..وفوق ذلك ،كون تدينك فاعلا حركيا ليس مسرحيا طقوسيا منكمشا خنوعا ومرتعشا كما يحلو للناس أن يمارسوا دينهم ويحلو للإعلام الرسمي أن يتغنى بالوسطية المصرية ..لم أتوقف رغم ذلك بل قلت :لعلى المخلص الذي سيستنقذك من ذلك الجو الجاثم حتما على إرادتك وضميرك وأشواقك الروحية المهاجرة الى ربها..منيت نفسي أن أصنع معك وبك أسرة مسلمة جميلة ومبشرة..أعرف أن ماحدث كان قصفا مكثفا لحصون إيمانك ،وتبويرا بربريا لحدائق شاعريتك وأحلامك..لكن عزائي في يقيني بقوتك وثباتك..وأنك حتى بعدما رفضني أهلك بحجة أنني مثلك متشدد يطوقني الخطر من كل صوب ،وحتى بعدما ازدادت قسوتهم معك لم يهن عزمك ولم تبهت شعلة روحك بل زاد نشاطك وتعددت الفتيات اللاتي التزمن على يديك..بلغني أيضا صبرك وصمودك أمام حمم الشماتة التي قذفتك بها أسرتك عقب القبض على إثر أحداث جامعة الأزهر العام الماضي التي اختلقت خطورتها ولفقت مضاعفاتها جحافل الحقد الإعلامي الرسمي الأسود..إننا لم نلتق منذ سعى أهلك لقصقصة ذلك الشىء الجميل بيننا ..كان طبيعيا أن ينهض حرج شرعي بيننا بسبب عدم وجود صيغة شرعية للقاء ..لكني أعلم أنك لم تنبذيني ...ما يطاردني كل لحظة هو الهم المقيم الذي تجرعينه ليل نهار ..حياتك كيف ستمضي على هذا المنوا ل القابض الخانق المنهك؟أدرك جدا أن غربتك تحاصرك بين أهلك ..أنت تمعنين في الالتزام والجهاد وهم يسفرون كل يوم عن ألوان جديدة من التضييق والاستهزاء بمشاعرك ..يؤرقني جدا ماذا ستفعلين إزاء هذا النكال الوحشي ..أنا وأنت بمقياس ما نرزح تحت نفس النير الظالم ..لم يلطف من نقمتي على سلب حريتي سوى أني رأيتك ذات إحدى الجلسات تقفين مع الأخوات أمام المحكمة التي تمنع حتى محامينا من قول ما لديهم كاملا ..ذلك اليوم كان انطلاقة تقويم جديد أؤرخ به لحياتي ..الآن ماذا عساى أقول ؟ ..أوصيك بالصبر؟.. بالثبات؟ ..أنت أدرى منى بذلك وأقدر عليه ..فقط أريدك أن تعلمي أن عذابك وتيهك سجن آخر يضاف إلى سجني ..أترين؟ مجددا،ها هو شىء آخر يجمعنا ..قدرنا أن يبزغ بيننا مهما حاولوا جديد يجمعنا ..حتى لو كان سجنا

*************

تلك كانت إحدى يومياته التي يكتبها في السجن ..خاف أن تنتهكها أيادي زبانية التفتيش الدوري ..دسها في جيبي أثناء إحدى الزيارات ..سمح لي بالاطلاع عليها لكنه شدد على ألا أسمح بضياعها لأي سبب ..وبعينين سفح الحزن والقيود هناءهما قال وهو يودعني:حاول تعرف أخبار إيمان..ولو احتاجت مساعدة ساعدها






Saturday, March 29, 2008

عروسة البحر


لكن عروسة البحر
فتشت عنها البحر
وسألت عنها الصخر
لقيتها كدب ف كدب
هكذا كان يغني لنا محمد ثروت ونحن صغار
لماذا يتم نسف أحلامنا هكذا في المهد؟
ولماذا لا نأخذ حقنا ودورنا في البحث عن عروسة البحر حتى لو كانت محض كذب؟
العبرة والمتعة والجمال والروعة في الرحلة لا في العثور عليها
هكذا كان معنى سؤالى عندما كنت في المرحلة البرزخية بين الصبا والمراهقة عندما كنت ألاحظ دس السم والإحباط في عسل الطفولة
الغريب أنني طوال طفولتي كنت موقنا أنني واجد لا محالة عروسة البحروكنت كلما ذهبت إلى البحر خصوصا في أربعاء أيوب - لا أدري لماذا بالذات- أظل منتظرا قدوم عروسة البحر التى لم تأت في أى أربعاء ولا خميس ولا حتى جمعة
كبرت - للأسف الشديد جدا- واستمعت لنصيحة منير
قبل ماتحلم فوق
احلم وانت فايق
قبل ما تطلع فوق
انزل للحقايق
وسألت نفسي
لماذا لا نعقد مصالحة تاريخية بين عروسة البحر والحلم المحكوم بالواقع؟
لكنى اكتشفت أن عروسة البحر والحلم المخنوق بالواقع مثل الضرتين لا تتواءمان ولا تتبادلان مودة صادقة أبدا
مع الوقت عرفت أن الحياة ستقيد الأحلام رغم إرادتنا وبدون استشارتنا ،لذا ،قررت أن أسلك طريق عروسة البحر حتى وإن كانت كدب ف كدب!
و متى خلت الحياة من الكذب ؟
المنحط منه والجميل البرىء والاضطرارى؟
ثم إن هذا ليس كذبا بل هو أصل الحقيقة وسر قوة الروح
لذافأنا منتظر - وسأظل- أن تقدر عروسة البحر ولائي ،قبولي كذبتها الجميلة العذبةوأن تشرف حياتي يوما ما
المهم ألا تتأخر حتى نزولي القبر
فمؤكد أنني وقتها لن أكترث لها كثيرا ولن تجدني ذلك العاشق المتلهف
حيث أننى - حسبما أدعو الله تعالى وأتمنى وأحلم - سأكون مشغولا بعرائس بحر الأبدية
اللاتي لا يأتهن الكذب من بين أيديهن ولا من خلفهن.

Monday, March 17, 2008

اللهم صل وسلم وبارك على الحبيب سيد الناس وآله الأطهار وصحبه الأبرار

أبيات من نور متوضىء خرجت من قلب يرتعش رغبا ورهبا
قال البوصيرى رحمه الله في مدح سيد الناس:

مولاي صلــــي وسلــــم دائمـــاً أبــــدا
علـــى حبيبــــك خيــر الخلق كلهـم
ظلمت سنة من أحيا الظلام إلــــــــــى
أن اشتكت قدماه الضر مــــــن ورم
وشدَّ من سغب أحشاءه وطــــــــــوى
تحت الحجارة كشحاً متـــــرف الأدم
وراودته الجبال الشم من ذهــــــــــبٍ
عن نفسه فأراها أيما شـــــــــــــــمم
وأكدت زهده فيها ضرورتـــــــــــــــه
إن الضرورة لا تعدو على العصــــم
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة مـــن
لولاه لم تخرج الدنيا من العـــــــــدمِ
محمد ســـــــــــــــيد الكونين والثقليـ
ن والفريقين من عرب ومن عجـــــمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحـــــــــــــــــدٌ
أبر في قولِ لا منه ولا نعـــــــــــــــــم
هو الحبيب الذي ترجى شــــــــفاعته
لكل هولٍ من الأهوال مقتحـــــــــــــــم
دعا إلى الله فالمستسكون بــــــــــــه
مستمسكون بحبلٍ غير منفصـــــــــــم
فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلــــــــُقٍ
ولم يدانوه في علمٍ ولا كـــــــــــــــرم
وكلهم من رسول الله ملتمـــــــــــسٌ
غرفاً من البحر أو رشفاً من الديـــــمِ
وواقفون لديه عند حدهـــــــــــــــــم
من نقطة العلم أو من شكلة الحكـــــم
فهو الذي تـ ــــــم معناه وصورتـــــــه
ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النســــــــــــم
منزهٌ عن شريكٍ في محاســـــــــــنه
فجوهر الحسن فيه غير منقســـــــــم
دع ما ادعثه النصارى في نبيهـــــم
واحكم بماشئت مدحاً فيه واحتكــــــم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شــرف
وانسب إلى قدره ما شئت من عظــــم
فإن فضل رسول الله ليس لـــــــــــه
حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفــــــــــــــــــم
لو ناسبت قدره آياته عظمـــــــــــــاً
أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمــم
لم يمتحنا بما تعيا العقول بــــــــــــه
حرصاً علينا فلم نرْتب ولم نهــــــــمِ
أعيا الورى فهم معناه فليس يـــــرى
في القرب والبعد فيه غير منفحـــــم
كالشمس تظهر للعينين من بعُـــــــدٍ
صغيرةً وتكل الطرف من أمـــــــــــم
وكيف يدرك في الدنيا حقيقتــــــــــه
قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحلــــــــــــــمِ
فمبلغ العلم فيه أنه بشـــــــــــــــــــرٌ
وأنه خير خلق الله كلهــــــــــــــــــمِ
وكل آيٍ أتى الرسل الكرام بهـــــــــا
فإنما اتصلت من نوره بهـــــــــــــم
فإنه شمس فضلٍ هم كواكبهـــــــــــا
يظهرن أنوارها للناس في الظلـــــم
أكرم بخلق نبيّ زانه خلــــــــــــــــقٌ
بالحسن مشتمل بالبشر متســـــــــم
كالزهر في ترفٍ والبدر في شــــرفٍ
والبحر في كرمٍ والدهر في همــــــم
كانه وهو فردٌ من جلالتـــــــــــــــــه
في عسكر حين تلقاه وفي حشــــــم
كأنما اللؤلؤ المكنون فى صـــــــدفٍ
من معدني منطق منه ومبتســــــــم
لا طيب يعدل تُرباً ضم أعظمــــــــــهُ
طوبى لمنتشقٍ منه وملتثــــــــــــــمِ
باقي البردة هنا

أكاديميون دوليون أشادوا به ورموز حقوقية بكت عند اعتقاله.. عن المهندس والإعلامى خالد حمزة نحدثكم


نقلا عن:المصريون


كتب:طارق قاسم : بتاريخ 15 - 3 - 2008
تتعاطى أنظمتنا الحاكمة السياسة على أنها فيلم بوليسي لن يحقق إيرادات إلا إذا جاء مضرجا في أكبر قدر ممكن من الدماء المسالة والصرخات المعذبة والمشانق المنصوبة.. أو فيلم رعب لا تجري وقائعه إلا في الظلام.. لا يعرف أبطاله أين يسيرون أو ماذا تخبيء لهم متاهات العتمة المنصوبة أمامهم .. وفي حين يمارس كل الخلق في الدول المحترمة السياسة علانية في جو مفتوح من الشفافية والبرامج المعلنة.. يمارس حكامنا السياسة باعتبارها حالة طوارئ أبدية وقوانين مفصلة تفصيلا على مقاس أشخاص بعينهم وكأنهم سيرثون الأرض ومن عليها.. والمحصلة الطبيعية لتلك الاجواء الكابوسية مطاردة كل فكر سلمي نابذ للعنف وكأن الأنظمة الحاكمة حلفت يمين طلاق تلاتة لتسدن كل طرق الإصلاح أمام الناس لإقناعهم أنه لا حل سوى بالصدام والانقلاب!! إذا لم يكن الأمر كذلك، فما تفسير ما حدث للمهندس الاستشاري والشاب المثقف الهادئ ذو النشاط الحقوقي والإعلامي الواسع (خالد حمزة)، والذي لم يكن يحلم سوى بنصيب من العدالة .. متمثل في حياة كريمة بلا تهديد ولا قمع وممارسة حقه في تعريف العالم بقضية أناس ظلموا وسلبت حرياتهم لا لشيء سوى لأنهم آمنوا بأنهم بشر.. ومن حقهم أن يعيشوا مثلما يعيش غيرهم من البشر.. خالد حمزة مهندس استشاري يبلغ من العمر 45عاما يرأس تحرير موقع (اخوان ويب) وهو الطبعة الانجليزية لموقع اخوان اون لاين.. يمكن فهم شخصية خالد حمزة من موقف تعرض له أثناء إحدى الندوات التي حضرها وكانت تناقش الاوضاع العربية الملتهبة خصوصا في فلسطين المحتلة .. التف حوله وقتها عدد من الشباب الناقمين على الاوضاع العربية التي تجهض كل أحلام الاصلاح السلمي، وبدرت منهم عبارات تنم عن اقتناع بأنه ربما لم يعد سوى العنف حلا مع هذه الحكومات التي تمارس السياسة بمنطق السوق السوداء! شمر خالد حمزة عن سواعد الفكر الواثق العميق الذي يعتنق الاصلاح السلمي بديلا وحيدا مهما ساءت الظروف وتنمرت قوى الفساد والافساد.. أقنع خالد حمزة الشباب أن مشروع الاصلاح الذي جاء به الرسول الكريم ووضع معالمه وتفصيلاته الوحي الشريف، يرفض العنف في غير محله رفضا عقائديا منهجيا ثابتا ويتبنى الفكر المتسلح بالصبر واحتمال الاذى كدواء ناجع - حتى وان بدا ذلك للبعض طريقا طويلا- إزاء أمراض الاستبداد والقهر وكبت الحريات والتنكيل بأصحاب الافكار والرسالات ،والرسول الكريم لم يقتل صاحب رأي ولم ينتهك أمن أي مسالم مهما كانت الظروف.. عندما نضيف لتلك العقلية السمحة التي يتميز بها خالد حمزة ثقافة واسعة وإلماما بكافة القضايا الملحة على الساحة المحلية والاقليمية والدولية ورغبة أصيلة وجارفة في الحوار كطريق أوحد للخلاص من الفوضى الدامية التي يرسف فيها العالم، عندما نضع تلك الامور جنبا إلى جنب يرتسم لنا تفسير واضح لردود أفعال عدد كبير من الشخصيات الحقوقية والسياسية والفكرية الدولية عندما علموا بنبأ قيام سلطات الامن المصرية بإعتقال خالد حمزة أو بالأحرى اختطافه من الشارع ليلا بينماكان يسير برفقة بعض الاصدقاء، د. فيوليت داغر رئيس اللجنة العربية لحقوق الانسان والمتابعة لمجهودات خالد حمزة السلمية في تعريف العالم بقضية المحاكمة العسكرية لـ 40 إصلاحيا مصريا من قيادات الاخوان المسلمين بكت فور علمها بالقبض على خالد حمزة .. وردود أفعال مستنكرة مستهجنة صدرت عن ساند مانكي ومنى الطواهري وشادية حميد وغيرهم من أسماء فكرية عربية وغيرها فور علمهم بالخبر حيث أن خالد حمزة كان يحظى بتقدير واحترام بالغين في الاوساط الحقوقية والفكرية توجت بمقال كتبه الاكاديمي والمفكر الامريكي الشهير مارك لينش والمتابع لملف الحراك السياسي في مصر كان عنوانه (خالد حمزة كما عرفته) .. خالد حمزة الان مقيد في سجن طرة صاحب السمعة الرهيبة العتيدة في اغتصاب حرية أحرار مصر وأبنائها المخلصين وبالاضافة لقيود السجن، خالد محاصر بحالة صحية سيئة جراء إصابته بانزلاق غضروفي وارتفاع في ضغط الدم وقد أجريت له قسطرة في مستشفى المنيل آخر الاسبوع الماضي .. لخالد ستة من الابناء الكبرى منهم طالبة بكلية الطب يسليها ولد في الصف الثاني الثانوي وابنة في المرحلة الاعدادية وولدان في المرحلة الابتدائية وطفلة صغيرة لم تلتحق بالمدرسة بعد ..

Monday, February 18, 2008

حاجة تفقع



أ- عائدا من العمل
اختنقت ..طويت الجريدة بضيق ولولا أنني كنت في المترو لرميتها بكل ما أوتيت من حنق ..قرفي كان عارما .يجتاحني شعور من يريد أن يشلح ملطا وينطلق في البرية نابذا الدنيا لافظا البشر رافضا كل ما يحتك بجسده أو حتى يمر إلى جواره ..روحي متعلقة بأرنبة أنفي ،عطسة واحدة – مثلا - أو أي من تعابير الاعتراض أو الامتعاض المدججة بالأصوات المؤكدة للمعني كفيلة بقذف روحي إلى حيث يمزقها تدافع الخلق وتدهسها الأقدام وأضطر لالتقاطها ونفضها والتربيت عليها معتذرا ومعاودة حشرها في جسدي ..وبما أنها مش طالبة قرف أصلا فلا مانع من كبح الاعتراضات بكل أشكالها ودرجاتها حتى إشعار آخر
ثمة على الأقل 7 تريليون و 500 مليار و87 مليون و 658 الف شىء وشخص وفكرة وباعث للغضب وحافز للانتحار يتراقصون جميعا داخل قطعة اللحم والدهن المسماة مخي فيما يشبه الطقس الوثني الأفريقي المحموم أو لكأن إيران وأمريكا والهند وباكستان استغلت كل منها ذهني ساحة لمنابذة الأخرى بالتجارب النووية
لعنت الحياة ما لا يقل عن 876587421539698745مليون مرة وسببت حوالى 80% ممن أعرف وقذفت أمهات نصف ال20% المتبقين ..من زحمة ذلك العبث الصاخب والصخب العابث انسل حلم أن أعثر على فيلم خد الفلوس واجري لوودي آلان على أي قناة ثم عدت حسيرا ولعنت القنوات التي لا تعرض أفلامي الحبيبة إلا عندما أكون مرتبطا بموعد يحتم الانصراف.
ب- داخلا البيت
لم أرم سلاما على أحد ولم أكترث للنظرات التي اندلقت تفتشني متفقدة سلامي المعتاد ..ألقيت الحقيبة وأفرغت محتويات جيوبي و خلعت ملابسي وطوحتها وكدت أنطلق صوب الحمام بلبوصا لولا أن تذكرت شقيقتي الجالسة على النت ..لبست أشياء والتقطت فوطة وهرولت إلى الحمام ..تمنيت لو أشق نفسي وأخرج روحي وأنقعها في ماء مغلي ثلاثة أيام ربما تسترد بريقها وصفاءها..ساعدني الماء الساخن على الاسترخاء وأقنعني الصابون ناعم الرائحة أنه قادر على فعل شىء فتركته يجرب وأنا أرمقني وإياه في مرآة الحمام باستخفاف ويقين بعدم الجدوى مستعيدا شكى العقائدي في الحقيقة الوجودية المتداولة الزاعمةأن:كله بيروح في الغسيل

ج- متلفعا بالليل
سعيت للتطهر من العادة المخجلة التي اكتسبتها الأيام الماضية :الاستقاظ باكرا للذهاب إلى تدريب في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ترعاه مؤسسة أوروبية ومن ثم النوم مبكرا ..
طلبت معي هيافة وفقع وسط مزاعم دولية وقرارت اممية وضغوط إقليمية تؤكد أن هذه أقرب الطرق لاقتناص لحظة صفاء ..لم أقبل التوقيع على تلك الاتفاقية إلا بعد رفع سقف مطالبي إلى لحظة عبط أو هبل أو على الأقل لحظة بلهنية فتاكة ..
قلت:أمارس ولعي القديم بتناول العشاء على صوت الراديو ..أدرته وأخذت ألاحق الترددات وأفتشها بحثا عن شىء يستحق ..في البرنامج العام كانوا يحاورون كاتبا خنيقا فقدرت أن هذا ربما يفقعني أكثر مما أحتمل فأقطع الخلف فقلت:حتى الفقع لا يكون هكذا يا أولاد ال (ضع لفظا يعني أن المرحومة أمهم كانت سيئة السلوك وربما – بل الأرجح- أنها أنجبتهم سفاحا) .. في الشرق الأوسط كانوا يتحدثون عن أبو تريكة فلعنت دروجبا وصمويل ايتو المتخاذلين وكل الدول التي هزمناها لأنها بلا حسني وجمال مبارك الذين يجعلانها تنتصر بصفتهما راعيين للرياضة وأنهما يدعمان المنتخب ..المهم ..زمجرت بهمهمات غير مفهومة وتشبثت بيقيني في نصيبي من الفقع وتجاوزت أبو تريكة وعند ال100.6 fm استوقفني صوت أسامة منير العريض المصطنع حيث كان يقوم بتظبيط زوايا العواطف المتأججة لمزة ليلية ..عندها فقط توقفت وحططت رحالي وعسكرت واضعا صينية الطعام تقتلني الرغبة أن أغترف من الهيافة ..صوت أسامة منير المتحنتف المشطوف ا لمتشفي المتصفي المتسلك بشياكة آسرة لقلوب العذارى وداثرات العذرية أزال شعورى بهيافة بحثي عن الهيافة لاسترداد عافيتي المزاجية في هذه الليلة الشتوية ..وهكذا ..أصغيت إذ ألوك عشائي إلى خمس قصص حب فقيعة لدرجة جعلتني أفكر في الاتصال بأسامة منير لأشكره على أن منحني فقعا وهيافة أكبر مما كنت أحلم أو أستحق .ضبطت نفسي متلبسا بالإشفاق على هؤلاء الفتيات المساكين الباحثات عن الحب الأخرق واللاتي ارتمين اختياريا في شباك برنامج أسامة منير الذي ذكرني بلزوجة وفقع وإسفاف روايات إحسان عبد القدوس التي ما إن دخلت الأولى الثانوية حتى رأيت أنه من الهيافة والفقع مجرد وجودها في مكتبتي....أخ......إحسان عبد القدوس ورواياته ....يا لغبائي وعدم حيطتي للمستقبل...لماذا لم أفكر في حل وسط يعصمنى من الاحتفاظ بروايات احسان وفي الوقت نفسه أبقيها قريبة منى كمصدر للاكتفاء الذاتي من الفقع والهيافة بدلا من تسولهما من محطات الراديو ..ألم يكن ثمة حل سوى رمى نصفهافي الزبالة وإعطاء الباقي لزملاء ثانوى منحة لا ترد أو ترد على شكل سجائر مارلبورو..آآآآآآآه..قلت لنفسي..لو كنت احتفظت بها لمنتحتني فقعا يليق بليلة فقيعة كهذه وهيافة تمنحنى ثقة في مستقبل أفضل

Thursday, January 3, 2008

ما المعنى بأن نحيا فلا نحيي بنا الدين؟؟؟؟؟


خلقنا لنضع اعيننا منذ الوهلة الاولى لتفتح وعينا على الموت الكريم..وإلا،فلا معنى لشىء

Saturday, December 8, 2007

سيدي...بل أنت أحلى


ليس جديدا القول أنه مهما كتب الناس وقالوا فهو أعظم و أجمل وأصدق
لا يرقي لوصفه كلام بشر
هذه الاغنية من أروع ما سمعت في مدح الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم
الأغنية للمنشد الشيعي (الرادود )الرائع نزار القطري
بطبيعة الحال ممكن أن نجد كسنة خدوشا ما في هذه الأغنية لكنها لا تنتقص من رروعتها وتميزها
=======
إلى سيدي ونور قلبي وضياء عيني وحياة روحي
سيد الناس
محمد
صلى الله عليه وسلم

Saturday, December 1, 2007

كان يا ما كان


ربنا أكرمني بطفولة أكثر من رائعة في حضن بحر العريش ..الحضانة اللي كنت فيها كانت مواجهة للبحر..في الحضانة كانوا بيعرضوا لنا أفلام جميلة ويطلعونا رحلات قمة في البهجة..كان في الحضانة حوش واسع مليان مراجيح..كنت دايما العب وانا باتخيل نفسي في رحلة بحرية وتقع المركب في ايد قرصان..كنت متاثر بابريق الشاي..في الحضانة كان فيه باستمرار حفلات..وكنت باغني فيها انا واصحابي..زمن جميل ولى لكن ابدا عمره ما راح من روحي وخيالي..عندي يقين ان كل الاوقات العذبة اللي عشناها واتحفرت في قلوبنا وذاكرتنا آية من آيات ربنا سبحانه وتعالى..لانها عينات من البراءة والجمال اللي من غير حدود الموجودين في جنة الخلد..وبالتالى القلب والروح كل ما يرجعوا ورا خلف الذكريات على طول يطيروا لفوق باتجاه الامل في رحمة الله والجمال اللي عنده سبحانه ..الجمال الحقيقي اللي مش هيتحول لذكرى تسبب ألم وشجن أكتر ما تسبب سعادة ..الجمال الواسع الرحيب اللي مش بيخلص ولا يتغير ولا يقتله التعود والملل..حالة سحر بلا حدود..وكمان باحس ان الحنين اللي بيجرف قلوبنا لزمن البراءة ليس الا تجلي من تجليات الحنين لزمن الجنة اللي نزلنا منها مع آدم وحوا..وبكده تبقى المسألة مسألة عودة..نسأل الله العودة بسلام..مش بس لزمن برائتنا واحنا صغار..لكن لزمن برائتنا الأول ..
في الجنة
************
اللهم صل على محمد ..وعلى آل محمد ..وأصحاب محمد ..وألحقنا بهم ياربنا في مستقر رحمتك ومعرض جمالك المفتوح الواسع
خاب من خسر
اللهم اجعلنا من الفائزين

Tuesday, November 20, 2007

ياااااااااااااااااااااادي برنامج الإخوان


نقلا عن :ثروة مصر


كتب:طارق قاسم
هل خلت مصر من أهل الجهامة والكلاحة حتى لم يعد ثمة من يلمز نور الشريف في (دماء على الأسفلت) و يخبره بسلوك أخته المنحرف ومشيها البطال بفظاظة غير امرأة ترتدي خمارا و رجل ملتح؟ و هل اختفت المتبرجات المترهلات كريهات االمنظر من مصر حتى تكون حبيبة محمود عبد العزيز القديمة في فيلم (سوق المتعة) محجبة في مآل مقزز لحسناء سابقا متلفعة بذرية مغبرة مثيرة للاشمئزاز رغم أن الفيلم مترع بالجنس و الإيحاءات الفاحشة؟

إنها الطبعة الوحيدة التي دأبت المخيلة العلمانية على إفرازها لتكون صورة لمصر والمصريين بعد سطوع الصحوة الدينية وانتشار المظاهر الإسلامية.. روح زاعقة الترصد والتقصد والتلكك والتلكؤ واللكاعة، تقف ببلادة عاقدة ساعديها بصلف إزاء كل مظهر إسلامي رغم أن الإسلاميين لا يتوقفون على التأكيد على كون الشعارات والعبادات االظاهرة كالحجاب والصلاة ليست أبدا معيارا حقيقيا للتدين
تلك المقدمة كانت الأنسب لبداية الحديث عن تعامل تلك الفئة مروعة التناقض صارخة القدرة على التطاول جرارة الاستعداد لنفى الآخر ونفخه وذبحه ببرود بينما تغني أغاني الحرية والتعددية والبرامجية وغيرها من مفردات الرطانة الجوفاء المستفزة المفرغة من أي مضمون تطبيقى،أقول تلك المقدمة هي الأنسب لوصف تعامل الفئة المسماة زورا وبهتانا (نخبة) و (مثقفين) مع الصورة المبدئية لبرنامج حزب الإخوان المسلمين


للحق، فإنه لا يجب التعامل مع القطاع الأكبر من الانتقادات االتي وجهتها تلك النخبة لبرنامج حزب الإخوان بجدية حقيقية ،ليس ازدراءا للحوار أو تقليلا من شأن الآخر لأننا بهذا نكون آثمين شرعا لأن الشرع قضى بالمشورة والحوار فيما ليس فيه قطع شرعي من الممارسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهو ما جعل الإخوان يعرضون برنامجهم على أكثر من 60 مفكرا وسياسيا ومثقفا ..لكن عدم الجدية اللائق بالتعامل مع غالب الهجوم المنصب على برنامج الإخوان مبعثه كون الهجوم غير موضوعي وجزءا أصيلا من الرفض العقائدي للمشروع الإسلامي ومفرداته وخطواته ،مهما تذرع المهاجمون باعتراضات محددة ونقاط غموض موجودة فعلا في برنامج الإخوان ..أكبر دليل على ذلك هو أن الكلام عن برنامج الإخوان اتخذ لدى غالبية المهاجمين صيغا متجاوزة لأصول الحوار الموضوعي مستمدة من قواميس التجريح والتخوين والاتهام بالنفاق والتقية والسعى للدولة الدينية وغيرها من فقاقيع الهراء تلك


ببساطة لم يجر التعامل مع برنامج الإخوان – إلا قليلا- على أنه طرح سياسي خاضع أولا وأخيرا للتفاعل الفكري والنقاش العقلي والجدل السياسي.. ثم إن أحدا لم يتوقف أبدا مع إعلان قيادات الجماعة مرارا وتكرارا استعدادها لمراجعة البرنامج وتصويب نقاط الخلل به.. لم تلتقط النخبة المصابة بالحول السياسي والأخلاقي من كلام الإخوان سوى ما يعزز ويسوغ اتهامهم بما سبقت الاشارة اليه من اتهامات ،وهو نزق ذهني يؤكد أن تلك النخبة تعودت رفض الطرح الإسلامي لمجرد الرفض وهو ما ذكرني بمواطن تركي ركل الديمقراطية وخرج في المظاهرات الرافضة لترشيح عبد الله جول للرئاسة لا لشىء الا لحجاب زوجته. يومها قال المواطن التركي لمراسل بي بي سي أنه من العيب أن تكون سيدة تركيا الأولى محجبة ولما سأله المراسل إن كان يؤيد تدخل الجيش لحسم الأمر رد بالإيجاب فعاد المراسل ونبهه إلى أن تدخل الجيش يعني عودة البلاد للوراء عشر سنوات فقال المواطن التركي بكل ثقة: "أن تعود البلاد للوراء عشر سنوات بتدخل الجيش أفضل من عودتها مائة سنة للوراء عندما تدخل امرأة محجبة قصر الرئاسة"


مثقفونا مرجعيتهم ذلك المواطن التركي ،بدليل أنهم نسوا تماما أثناء احتدام الجدل حول برنامج الإخوان ظلم النظام المصري وفساده وسطوة رجال الأعمال واستحكام القبضة الأمنية ،وأصبح الخطر الوحيد متجسدا في الإخوان وبرنامج حزبهم
الدليل الآخر على الاعتلال المزاجي والشذوذ الأخلاقي والإنساني هو أن المثقفين الذين كالوا القدح والطعن في النوايا للإخوان بسبب برنامجهم ،هؤلاء جميعا لم ينبس أي منهم بكلمة تعليقا على المجازر التي تعرض- ويتعرض- لها طلاب الإخوان في الجامعات على أيدي البلطجية والحرس الجامعي تحت قيادة مباشرة من إدارات الجامعات طوال الأسبوعين الماضيين رغم أن وسائل الإعلام المحلية – المستقلة منها طبعا- والعالمية نقلت صور القنابل والأسلحة البيضاء التي استخدمها البلطجية والأمن في مهاجمة طلاب الإخوان..وهو نفس النهج الصادم الذي جعل صحفيا لامعا لا يخجل من الإعلان في برنامج تليفزيوني ذائع أن الإخوان أخطر على مصر من إسرائيل ..وهي عبارة فضلا عن كونها شاذة إنسانيا وأخلاقيا وسياسيا ،فهي تطعن في مصرية مصريين لهم كل الحقوق التي لغيرهم..
نفس التعاطي الهابط الانتقائي الاجتزائي حدث مع التصريحات التي أدلى بها الدكتور عصام العريان وتطرق فيها لموضوع الاعتراف باسرائيل ..الرجل خرج بعد ذلك مباشرة وفسر كلامه في حوارات أخرى وأكد موقفه الرافض للاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب لكنه أوضح أن السياسة تقر بأن لكل حادث حديثا وأن الواقعية السياسية لها أحيانا معايير يجب أخذها بعين الاعتبار ،وهو كلام لا أظنه موضع خلاف من حيث المبدأ لدى العقلاء الأسوياء ،كما أن نائب مرشد الجماعة د .محمد حبيب قال في حوار لجريدة الكرامة قبل أسبوع أن الجماعة متمسكة برفض كيان العدو الصهيوني ورفض المعاهدات الموقعة معه ..نفس الشىء فعله المرشد الأستاذ مهدي عاكف ،لكن للأسف كان الثلاثة يؤذنون في مالطة لأن النخبة المرتبكة المعقدة محترفة التصيد المسىء والترصد الأرعن كانت قد أجمعت كيدها وحسمت أمرها وهجمت بقضها وقضيضها وشرعت جوقتها الجهنمية في غناء نفس النشيد الأسود(الإخوان كذابون..الإخوان منافقون..الإخوان سيئوا النية..يريدونها دينية) ولم يكلف واحد من أشاوس النضال الإلكتروني ومحترفي الحنجوريات االمتهافتة السطحية أن يسأل نفسه سؤالا واحدا: ما دام الإخوان منافقون هكذا،ملتوون هكذا،متلونون هكذا،لماذا إذن لم يتوصلوا مع النظام لحل يخرجون به قياداتهم السجينة التي تحاكم عسكريا محاكمات لم تحظ من المثقفين بربع الهجوم الذي شنوه على برنامج حزب الإخوان ،ويفرجون عن أموالهم المصادرة


كما قلنا ..إنه الحول الإنساني والهبوط الحاد في الدورة الأخلاقية والازدواج المتهور في المعايير السياسية وهي كلها أمور تعودتها النخبة وتراها أساسية لاستمرار الحياة..وحسبنا الله ونعم الوكيل

Friday, November 16, 2007

الطوفان

حتى لحظات قليلة مضت،كنت أظنني مبتدئا في فهم الآيات ،والتقاط النفحات ،واستلهام الحكم الجارية تحت طبقات كلمات القرآن الرقراقة المنداة بالروعةالقدسية والنغم الرباني.. إلا أنني اكتشفت أن بعد المشرقين يتمدد آمنا مطمئنا بيني وبين تلك المرحلة..فالأمية الفظة الخانقة الصماء هى ما رأيتني أرتع فيه حتى العماء ،ولولا رحمة ربي لكنت من الهالكين
=====
لقيني كعادته ،تطفو بشاشته وطلاقة وجهه بإحكام على سطح مهابة شاسعة..صافحته وكالعادة طلبت منه الدعاء..بتعبير رؤوم راسخ لا يشوبه مثقال ذرة من عمد أو تسلط مد نظراته إلى عيني مباشرة،شعرت بها تنداح عبر شباكي عيني إلى داخلي ..أشهرت على الفور إذعانا محببا من النوع يفترش الموقف تلقائيا عندما نكون بإزاء أحد الصالحين
قال بصوته العريض الرزين المؤثر:ربنا يصلح لك الحال وييسر لك الأمور
نعم الغنيمة المولودة مع فجر يوم جديد
استويت خلفه ،في الصف الأول من صفي الفجر اليتيمين اليوميين .. سلمت نفسي..وأقلعت بقلبي صوب جنة فواحة مترامية ركعتان من أروع ركعات العمر
كبر
لاح كجبل من يقين أبيض ..عمود من نور ومرمر تنبعث منه الآيات جليلة ندية أخاذة..مجسمة مرئية..زالت المسافة بين ألفاظ التلاوة وبين مضمونها الذي غمرنا أثيريا ملحميا داويا متلاطما يهز القلب وينفض عن العقل بقايا الهجوع
انمحت الفواصل بين السمع الذي مفترض أن نتلقى به الآيات ،وبين التمرغ الحميم في مجسمات الصور والأحداث تحت سطوة المعنى الذي انهل جارفا كاسرا سديمي الإيقاع جرف الأرواح إلى شرفة علوية كونية منخلعة من اعتبارات الزمان وجدران المكان مغموسة في
شهود حق بازغ تتخلق إرهاصاته ثم تترى وقائعه وتهب تداعياته ..عاصفة بالأبصار أنواره وتجلياته
ياالله
بالحق كاد قلبي يتوقف..بالحق انحبست أنفاسي..واحتقنت نبضات النشوة حتى غصت بها سريرتي ،ولم يكن ثمة من مخرج سوى الهروع إلى إعلان الإفلاس أمام إعجاز القدرة ،وإشهار الاستسلام والعجز وذبح جمود النفس وإراقة دمه دمعا هاطلا لم ولا ولن يساوق أو أو يسابق انهمار الرحمات وتكاثف الدلالات
وقال اركبوا فيها
باسم الله مجريها ومرساها
إن ربي لغفور رحيم
تقاذفني مع السفينة موج الطوفان الذي كالجبال..تماهى كل شىء مع كل شيء ..ذاب كل شىء في كل شىء..الوجود صار محض حال من
الجزع الممتزج بالعرفان العاجز والحيرة اللاهثة اللاهبة قلوب أهل المركب النائح المتضرع اللائذ بجناب الله طلبا للسلامة
شعور عارم أشبه بانسلات الروح ..خضوع ينز توسلا ..غارت أشلاء النكران والجحود تحت اللجة فلا شىء بقى سوى بشر و آية ظاهرها الخطب الجلل المدلهم وباطنها رحمة سخية مفعمة بالبكارة تجري بفرح كاسر في عروق الوجود بعد طول تصلب وهجران
ناداني نبي الله نوح ..نادى الشيخ الابن الكافر الخائن..في حضرة العبرة تكون السطوة للحكمة..للحقيقة..للقاعدة السارية الحاكمة رغم الزمان وفوق المكان
أ جل
أنا المارق الآبق الذي بصق من طويته الملتاثة جبلا وهميا من غرور وعنت وقال سآوى إليه فبنى له الشيطان فوقه قصورا فاجرة سرابية من الأمان المزعوم وقت لا عاصم من أمر الملك إلا هو
منه....وإليه
بيده......وإلى مشيئته
لا مصير إلا ما صاغت إرادته
ولا مآل إلا الذي قدرت حكمته
==========
طفق اللسان يلهج استغفارا وإقرارا
خر القلب قبل الجبهة التى هرعت إلى المسكنة مأوى من الفزع
لانت الملامح التي رأت في المذلة إبراء للضمير والنفس من الصلف والعزة
هل غرقت مع ابن نوح في ماء الطوفان أم غرقت في دمعي؟
لم أفق إلا والعين تبلع ماءها والروح تقلع عن سكب نفسها مدرارة فوارة لوعة وأوبة
استويت مع الشيخ والإخوة نراقب رسو السفينة ..زغردت في آذاننا ابتهالات النجاة..فرح شفيف خيم وأزاح كل عناء

Thursday, November 15, 2007

ذهب مع الريح



أنقذني من الرضوخ لفكرة أن الذي حدث يشبه ما يجرى في الأفلام العربي كون ما ذكرني به ورماني في حضنه المؤلم المثير للشجن مشاهدتي مرة أخرى (ذهب مع الريح)..الفيلم الأسطورى ..مدينة الحنين والأحلام السحرية ..والذكريات الجميلة الندية ..التنهيدة الموحية التي بعثها زمان البراءة من ضريحه المهيب في مقبرة الأيام .. بنعومة ولوم لكزنى المشهد الذى التقى فيه (ريت بتلر )ب(سكارليت أوهارا) أمام عربتها ذات الحصان ..كال بتلر لسكارليت عتابا قاسيا مغلفا بالسخرية والمزاح وسألها إن كانت معتادة أن تتزوج رجالا لا تحبهم ؛بعد ما تزوجت من مستر كندى ..ركبت سكارليت عربتها غاضبة ومضت ؛ثم بعد قليل فى مشهد آخر حمل بتلر لها نبأ موت زوجها لأتنفس أنا الصعداء ..هل فقط لأن ذلك يعنى سقوط السد الذى بين بتلر وسكارليت ؛أم لأن تلك إشارة ما ؛أو عينة لما يمكن ان يحدث بشأن صديقى ؟ صديقى ذلك كان أحد أبرز أعضاء شلتنا التى كانت جوهرتها فتاه تشبه فى أشياء كثيرة سكارليت أوهارا ؛لم يكن من بين وجوه الشبه تلك الغضب السريع والانسياق وراء تحقيق المال بأية وسيلة ..كانت بحق رقيقة نبيلة وشاعرة ساحرة العبارة دافقة الخيال ..وكانت (بنت ناس) بحسب اسم العلبة الأنيقة المرصعة بالإحترام المبالغ فيه الذى يغدقه الناس على من يرفلون فى مثل وضعها المادى والإجتماعى الوثير المفعم بالوفرة والذى ساعدها على خلع كل ما يعكر صفو رقتها أو يشوب إبحارها فى عوالم الشعر والخيال ..صديقى وشاعرتنا كانا متقاربين حد التناغم لدرجة أن الجميع قرروا بثقة جارفة أنهما لبعضهما ما لم يحدث أمر ما يذهب بما بينهما مع الريح ..كشلة باركنا هذا التقارب وهيأنا أنفسنا لوقت يتحول ارتباطا وأسرة ..لكن مع الوقت نظر صديقي للأمر على أنه محسوم ومفروغ منه بشكل جعله يتعامل معها كأنها ملك يمين مركون رهن الإشارة ينتظر إيماءة بسيطة لا تكلف شيئا ..أما هى فقد كانت مسالمة لدرجة جعلتها تكتفى بالانتظار الأخرس المحزون ..اكتفت بالتساؤل الصامت مع نفسها حينا ؛ثم لما فاض حملتنا بعضه فى حياء على شكل إخبار مطرق بالخطاب الغارقين فى الأموال والمناصب والأوضاع الإجتماعية المخلة برجحان كفة صديقنا أحيانا ..نقلنا لها الحكاية مستغربين بدورنا (تناحته)وبروده..كان سمجا جدا منه أن يكتفى بإطلاعنا على كونه لم يستعد بعد بالشكل الكافى وكان صادما أن يماطل ـ بلا سبب واضح ـ فى قبول اقتراحنا أن يتقدم لها الآن على سبيل الخطوبة وطبيعى أن يتفق مع أهلها على فترة لإستيفاء الواجبات زخت طرقات الخطاب بضراوة أشد على باب صديقتنا وتناسب ذلك طرديا مع سريان الوهن وشىء من الشعور بالخذلان فى قدرتها على التملص والرفض كما نفدت كل الحجج التى كانت تتعلل بها وتسوف فى الأمر بموجبها إلى أن جاء خاطب بلغ من استكمال المواصفات حدا جعل أهلها يفتحون له الباب على مصراعيه ؛ولم يكن أمامها سوى القبول.
هوى الخبر على صديقنا مروعا وجعله كمن وجد نفسه أمام حقيقة لم يتخيلها أو يفسح لها مجالا في حسبانه ..كان يعول بلا شك - وبلا ضمير أيضا ـ على تعلقها به وانصياع الجواري الذي أرادها أن ترسف فيه حتى يقضى هو أمرا يريد أن يكون مفعولا..لحظتها فقط أفاق ..فعلا أفاق ..كانت السفينة قد أقلعت ولم يكن هو- رغم طول الفرصة ـ قد ألم بالسباحة
باستثنائه، حضرت الشلة كلها الزفاف الضخم الباذخ ..عندما هنأناها كانت نافرة من عينها فرحة مشدودة متوترة من طول الحشد.. تمنينا لها بصدق ورثاء حياة جديدة سعيدة ..وبدا أنها منهكة من كثرة ما استدعت طاقتها على الارتحال صوب هذه الحياة الجديدة صديقنا يسألنا عنها باستمرار ..ولمعرفتي به فأنا على يقين من أنه يعتصر ذاته وهو يتمنى لها التوفيق ويحملنا لها التحية.. وهى تكرس لعشها الزوجي كل كيانها وقدرتها.. أما نحن ..فلا نكف ـ ولا نستطيع ـ عن تذكر الذي كان وذهب مع الريح

Tuesday, November 13, 2007

ومن آياته الشتاء يحل حميما موشى بالسكينة

كل عام..في مثل هذا التوقيت يخرج قلبي إلى مشارف مدينة الزمن ،يتشوف عودة الشتاء الحبيب..يرنو محاولا النفاذ عبر طبقات الوقت متشمما متحسسا أمارات حلوله ..وبشائر مقدمه..كلما التقى منها واحدة ابتهج ..كلما زادت رقص ..كلما تكاثفت ارتعش كقلب غض يمسه الحب لاتول مرة
الشتاء
تلك الشريحة الندية المخملية من الزمان..حيث كل شىء ملون ينضح حياة ورقة..حيث الوجود بديع وبراق ..واللحظات مغسولة زاهية مبشرة فاتحة ذراعيها على حضن وارف بآفاق مغرية من الأحلام ليس لها حدود
أنتظر الشتاء مع هبوط الصيف من كل عام ..يخيم الصيف ثقيلا ..خانقا..لزجا..معروقا..يشل أوصال الحياة بسم زعاف ينفثه بضراوة ماجنة..اغتصاب علني ممجوج للحيوية والنضارة..احتلال لأروقة الزمن بالفوضى والارتباك والضجيج،يتحول معه كل شىء إلى عبء..وكل حلم إلى ذبيح..وكل سعادة إلى كائن غير مكتمل..وفيلم عربي بذىء هابط أسود كأفلام المخدرات في الثمانينيات ..تلك التي كانت أكبر خطايا أسرنا أنها تركتنا نجلس أمامها بالساعات ،فشوهت نفسيا جيلا كاملا،ببشاعتها وابتذالها يأتي الشتاء كنبي من أيام وأسابيع يذيب بلطفه ودماثته ووداعته جاهلية الصيف وينسف مذابحه الوثنية لحلاوة العيش..يتلو على العمر تراتيله القدسية ..وينبىء الحياة عن حقوقها المهدورة..وجمالياتها المغدورة المطمورة تحت ركام عبث الصيف وعشوائيته..يحل شعائر السلام والمودة مكان طقوس الارتجاج والارتجال والضوضاء التي فرضها الصيف وأشرف على التهامها القرابين من راحتنا وأماننا وتأملنا الصافي النفاذ أمني نفسي كثيرا في الشتاء بأوقات مفعمة بالتفتح ،وتنتصب قرون استشعار روحي حساسة لمواطن الجمال والبهجة والشاعرية والإبداع..أشعر بصلح جياش مع الأشياء والبشر..ينحسر غضبي وأبذل محبتي مدرارا..حتى صلاتي في الشتاء أستشعرها أكثر خشوعا وزخما بالتبتل والخضوع والتيقظ للروحانيات والمعاني..تغدو النفس أقدر على التقاط الآيات وترجمتها فوريا إلى فوران روحي عارم يخلع الدنيا وينبذها بلا ذرة تعلق ولا قلق..أسعد الرمضانات التي عشتها كانت الشتوية،أي التي جاءت في الشتاء،لأن فيوضاتها ونورانيتها زامنت وقتا هو بالأساس وقت انتعاش روحي بالنسبة لي..كنت أشعر أنني أعيش في كنف آية رحيبة مشحونة بالروعة من آيات الله المجيد ، فضمن آياته عز وجل – بالتاكيد – أن يأتي وقت تزخ فيه الدهشة المفجرة للبهجة على حياتنا المنهكة اللاهثة في أيام الصبر العبوس هذه التي أعيت القلوب وشرخت الأرواح ونهشت العقول..منطقي بعد ذلك أن تكون من بين أحب الأغنيات إلى قلبي (الدنيا برد)- منيب،(رجعت الشتوية) و شتي يا دنيا)- فيروز،(جيت يا شتا)- حميد)
الآن أنا مأخوذ بالاستعداد لاستقبال الشتاء في دورة تطهر لا إرادية تتوالى حلقاتها وتتشابك كجنين يتخلق في رحم أمه ناثرا اليقين والبشارة والبراءة..ولساني يلهج بحمد الكريم وشكره أن منحني الحياة حتى أذوق نشوة الاستعداد لشتاء جديد داعيا إياه سبحانه أن يرزقني شتاءات عديدة جميلة وسخية وثرية ..

Saturday, November 10, 2007

أمي الحبيبة...سحقا لهذا العالم


أمي
ثم أرتطم بحائط بارد صلد من جفافي وفظاظتي وخواء الروح المدعم بعقم الكلمات وعجزها عن نقل دفقات الرثاء والحنين الذي يسفع بي بلا شفقة
أمي
ماذا أقول وكيف أكتب وقد سال كل شىء وانسكب مراقا على جوانب أوقات مدببة مناهضة للأمان
المهم
هي كائن من خارج الزمن
مسبوك من معاناة محضة ،يبذلها بتفان لا حدود له..ورضا لا تشوهه أبدا عبارات الضجر والشكوى التي تنحشر من خارج السياق من نوع:
يا أخي أنا زهقت من اهمالك ده ..نظم حياتك شوية-
غسيلك كتير خالص..لما أسافر هتتعب اخواتك
مش معقول اللخبطة اللي انت عايش فيها-
والذي يبلغ ذروته مع التقريع المعتاد
ما تشد حيلك بقى وتتجوز عشان تلحق اصحابك اللي اتجوزوا وخلفوا...دا انت بدأت تصلع وشعرك يبيض-
وهكذا
تصبح كل محاولات اثنائها عن فعل شىء مهما بدا صغيرا مجدبة فاقدة الجدوى والمعنى واللزوم تماما مثل الحزب الوطني

ملامحها المنهكة باستمرار..جسدها المهدود ..نظراتها المكدودة ..توحي أنها لن تصمد أبدا أمام جبل الأعمال التي تنوى القيام بها يوميا ..فضلا عن مجرة الهموم والشواغل النفسية التي تتقاذفها ..لكنها تفاجئني بعد عودتي كل يوم من العمل متأخرا ليلا أنها انتصرت على كل شىء ..وعلينا.. وعلى مشاكلنا ..وعلى عذابات الحياة التي تصبها فوق رؤوس الجميع بدون ذرة احترام ..ثم تقف مدشنة نهاية مشرفة جديدة ليومها الآخر الفائت بإعداد عشائي الذي لا تعرف هى أنني طوال تناوله لا أكف عن تأمل دأبها وصبرها وكدها ..ثم أخيرا ترتمي على عتبات الراحة متوسلة ساعات نوم ضنينة ..وحتى هذه لم تعد تهنأ بها منذ جاءت أولى حفيداتها ،سلمى بنت أختي
المشكلة الحقيقية هي أنه بحكم الزمن وقوانين الحياة وسيرورة الأحداث والأشياء فإنني،وإننا، لا نملك – للاسف- تخفيف معاناتها وإرهاقها وقلقها علينا وكذلك توترها وإثارة غضبها ..لأننا- بمنتهى البساطة- ولجنا دروب الحياة التي لا مندوحة عن تهييجها للهم وانشغال البال :العمل..الزواج ..المستقبل..السعى وراء الرزق..وفي حالتي تظل الدراسة مبعثا متوهجا للقرف..وهناك في مرتبة أسبق يجثم أمن الدولة الذي أصبح جزءا مغروسا في حياتي أيضا بحكم منطق الأشياء وقوانين الحياة ..إذ كونك تسعى لتكون إسلاميا على قدر من الجدية وكونك قطرة مهما كانت ضئيلة وهامشية في بحر معارضة هذا النظام البذيء الفاجر ،كل ذلك يجعلك مرمى أبديا لنيران الزبانية ونقمتهم وتنكيلهم
ما الأمر اذن؟
وفيم الرثاء؟
ببساطة لأن منطق الأمور – لثالث مرة- يقتضي أن تكون هذه المساحة من وجودنا مشحونة بجيوش المشاعر الحزينة ..نندفع جميعا في طرق لابد من الرضا بها ..علينا أن نكابد ما وسعتنا الطاقة لتجميلها وجعلها في متناول الاحتمال ..متسربلين بدروع الحزن ..نتعاطى الحنين كمسكن لتقرحات الروح التي تخلفها الأيام الناعمة المهدورة المغدورة ..يذرعنا الشجن للعمر المراق في وديان الألم ..وهى أمور لا يروضها سوى الإيمان واليقين بالعالم الآخر ..الحياة الحقيقية ..حيث ينزاح وعثاء الفانية عن الصدور .ويجلو النكد عن القلوب
أمي الحبيبة...سحقا لهذا العالم

Wednesday, September 5, 2007

fly me to the moon....sinatra

إنهم يسرقون حقنا في الكلام..نقلا عن موقع:ثروة مصر

كتب:طارق قاسم
انقضت على خير ما يحب النظام ويرضى أزمة التصريح الذي وصف فيه المستشار محمود الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية مجلس شعبنا أو مجلسنا للشعب بالانبطاح..المستشار الخضيري قال أنه لم يقصد إهانة المجلس الموقر ولا أعضاءه ، وذلك بعد أيام نهشت فيها الصحف الرسمية لحم الخضيري وجلده ووصلت حتى أغوار نفسه وضميره وقررت بضمير بارد أن وصفه للبرلمان بالمنبطح مشين مهين ينطوي على ازدراء للذات السياسية السيادية المصرية ..كان ذلك يحدث بينما في الخلفية تراصت مقالات الرأي في الصحف المعارضة والمستقلة لتصنع حائطا حاول أن يكون صلبا يستند إليه الخضيري بعدما اشتدت عليه الهجمات وبات انسحابه ضرورة بحسب الخيارات التي أملاها الواقع على الرجل..من جانبها أخرجت مقالات الرأي تلك دفتر أحوال مجلس الشعب ،ولم تضف جديدا- في الواقع - عندما انتهت في محصلتها إلى أن مجلس شعبنا فعلا لم يهش ولم ينش ولم يحل دون وقوع أي مهزلة ..فصاحب العبارة الشهيرة بالمنكوبة العضو المعين في مجلس الشورى ما زال هاربا لم يحاسبه أحد وضحاياه الذين جاوزوا الألف يلطمون فتات خدودهم الذي تحول لخلايا بالهنا والشفا في أجسام سمك البحر..والتعديلات الدستورية الناسفة للسياسة مثل حمامك القديم في الإعلانات مرت بسلام جنائزي رغم أنف المجلس بكل سوءاتها ومخازيها ومراراتها بفعل أغلبية الحزب الوطني المخيمة الجاثمة على أنفاس المجلس ودوره التشريعي المزعوم ..والمصريون يعذبون ويحرقون داخل مصر وخارجها والمجلس خامد هامد لا يحرك ساكنا..ووزيرة القوى العاملة وقعت اتفاقية تحويل المصريات الجامعيات إلى خادمات لدي قاطني حفر النفط .. كل هذا بينما مجلس شعبنا هاجع مجخي مثل الزوج المخدوع الذي يعرف تماما أن زوجته مشيها بطال لكنه عاجز عن التصرف ووقف الفضائح..والنتيجة كما قلنا أن كل الشواهد تؤكد أن المجلس أشبه بحارس مرمى تزخ الأهداف من بين رجليه وهو واقف يتفرج لأن رجليه مغلولتان بحديد نظام سياسي متداع لا تمثل الديمقراطية له سوى نوعا رديئا هابطا من الروج تستخدمه حيزبون مترهلة وجهها داس عليه قطار سريع الاشتعال من النوع الذي تغص به سككنا الحديدية سرعان ما يسيح هذا الروج ويتحول من زينة إلى لحوسة تزيد الوجه البشع دمامة وقبحا وإثارة للقرف
ماذا إذن؟
المشكلة في مصر يا سادة أن الطغمة الحاكمة وأزلامها وصحفيوها اللزجون المتدلدلون من حزام بنطلونها والقابعون في جيوبها وبين شفتيها الغليظتين يسلكون لها أسنانها من بقايا لحم المصريين ،كل أولئك يمثلون قوة غاشمة فاحشة السطوة تسعى لحرمان المصريين حتي من توصيف واقعهم بدقة ..شاهرة في وجوههم اعتراضات أخلاقية منتحلة منتهكة تطنطن بلا حياء عن الشرعية المزعومة ودولة المؤسسات والسيادة وما إلى ذلك من مصطلحات أضحت على أيدي النظام خاوية على عروشها من أي مضمون حقيقي . وهذا المرض العضال بمثابة إيدز سياسي يدمر كل المناعة السياسية الجزئية التي اكتسبتها مصر خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة من خلال مظاهرات وتحركات المعارضة بمختلف أطيافها
أيهما الأخطر على مجلس الشعب؟ و صف الخضيري له بالانبطاح أم اعتداء ضباط الشرطة على النائب الدكتور ياسر حمود منذ أشهر قليلة جدا؟
أيهما الإهانة الأشد بحق البرلمان كلام الخضيري أم عجز لجنة حقوق الإنسان بالمجلس عن استدعاء وزير الداخلية للمثول أمامها لمساءلته بشأن تعذيب ضباطه للمصريين ليل نهار بمختلف الأساليب والتي من أحدثها الحرق و إدخال خدمة توصيل التعذيب للمنازل وإلقاء المواطنين من شرفات بيوتهم توفيرا لوقت وبهدلة التحقيق والنيابة والمحاكمة إن وجدت
الحق الحق أقول لكم يا سادة إن الجريمة السياسية الأفدح والأشد نكرا ونكرانا هي تآمر النظام وغلمانه وصحفه لحرمان الناس من حقهم في الكلام ..من حقهم في التعبير بالشكل الذي يشاؤون عن واقعهم المروع . . من الحق في وصف حياتهم و أنماطها ومهازلها بالأوصاف التي يرونها أكثر ملاءمة تمهيدا للوقوف على مواطن الخلل ثم إصلاحها

Sunday, September 2, 2007

يا طاير و آخد معك لون الشجر



يوما،جاءني نبأ موت كائن رقيق عذب اضطر للانتماء لبعض الوقت لعالمنا البغيض،جرب حظه مع دنيانا فباء بحسرة ومرارة وخيبات مديدة انهكت روحه وجسده بشكل لم يعد يجدي معه سوى الرحيل،وحسنا فعل..كنت مستعدا أن ادفع اجزاء من روحي وقطعا من عمري فقط كي ألقي له برسالة وداع،أو أحظى منه بابتسامة منهكة من تلك التي تسبق الرحيل النبيل..لكن رسائلي للشمس..ردت دون أن تمس.. ورسائلي للأرض ردت دون أن تفض...وران الصمت الصقيل..والخواء المصمت الثقيل..لماذا كان الحل ان أغني له على البعد(يا طير)؟..لست أفهم ..ولا أريد ..فقط لحظة اخذت أغنيها لاح لي ..عرفت أنه مرتاح لدرجة لم يعد يعذبه سوى الإشفاق على..وعلينا..ومن يومها..كلما سمعتها أو غنيتها..لاح لي وأخذيرش في الافق أنسا وبهجة

Tuesday, August 28, 2007

حديث الحزن

أعود مثل موجة تجرجر أذيال وفاض فاحش الخواء بعد انكسارة جديدة على الشاطىء وتنحسر راجعة بلا مكسب سوى الأمل في عودة قادمة ،لا يهم أن تنتهي بانكسارة جديدة
أنحط على كرسيي الذي شهد معي ملايين اللحظات الشبيهة ولم ييأس
أرمي خيباتي الاختيارية الوفيرة و أرمقها وليس لدي ما أواسيها به ونفسي سوى دفقات جديدة من الحزن من خزائن حزني التي لا تنفد ،التي أوتيت منها -بفضل الله-ما إن مفاتحه لتنوء بعصبة من الأفراح الوهمية أولات القوة
في مثل هذه اللحظات ،أزداد يقينا أن الإنسان يكون في أصدق حالاته وأكثرها شفافية وهو حزين
يوقع معاهدة سلام جديدة مع ضعفه ..فلحظتها فقط تكون بصيرته أصفى و أكثر نفاذا ،ورؤيته أوسع و أشمل إحاطة،والأشياء تكون قد خلعت غبار الأيام الزائفة واكتست بريقا يحيلها ناصعة وادعة حميمة
ولحظتها فقط تصبغ الشفقة والرثاء نظرة الإنسان للعالم والناس
يستشعر أنه مشدود إليهم بنفس حبال المعاناة والانخراط اللاإرادي في نفس السلسلة اللنهائية من الكبوات والإخفاقات وأنهم معا يلهثون في نفس مشوار الوجع المنهك
في غمرة وحضرة تلك المشاعر يتلفع الوجدان بحالة حنين بالغة الرهافة ..لو عرفها أصحاب الفخامة والجلالة والسمو والبلادة والبلاهة والبجاحة والفجاجة والوقاحة والسماجة لقاتلوا أصحابها عليها بالسيوف ودونكات الكهرباء والسياط والرشاشات والأربي جيهات
تخف مع تلك الحالة حسرتي لكوني لم أربح شيئا ملموسا حتى الآن ،المهم هو أن نفسي إلى جواري ..تشد أزري ..تشاركني أمري..قبل أن أهم بتحسسها تهرع هي لنجدتي والشد على يدي ..المهم هو أنني بمدد الله أقاوم الانطفاء ..أنني مازلت برحمة الله قادرا على سكب الحزن مدرارا على جسد العمر الذي ينتظر ما يأتي وما لا يأتي ..المهم أنني قادر على حشد مصادر قرفي و بواعث حنقي ومهيجات غضبي ومفجرات كمدي في صعيد واحد ثم أقول لهم بالفم المليان:اذهبوا فأنتم الطلقاء ..أريحوني واستريحوا..حلوا عن سما أهلي
المهم أنني لم أتنكب الطريق بما يصعب معه الرجوع وتزول معالم الهدى

ذات موت


ماتت
هكذا ..لفظة بسيطة ..باهتة ...معتادة ...مرمية على قارعة موضوع قصير في مدونة صديق لي
قابلت مثلها مرارا وتكرارا وأقصى ما أظهرته هو شيء من الإطراق الروتيني وإطلاق عبارات ترحم فاترة أوحى بها لنفسي أنني أعتبر وأتعظ بموت هذا أو هذه أو ذاك أو تلك ...لكني هذه المرة ارتطمت بها ...ماتت ..تسمرت لوهلة ..كانت الكلمة الصغيرة فوهة دقيقة لبركان هائج مهول بطول الوجود وعرضه وعمق الحياة وغموضها وبعد الأحلام والأماني وارتفاع جبال الظلم التي يحكم الزبانية الأرض من قلاعهم السوداء الشيطانية المظلمة الدامية فوقها ...لكن أيضا ...بعذوبة و حميمية وبرد يقين انتهز الفرصة ليعلن عن نفسه ويثبت وجوده ...وإثارة حقيقة ناضرة التقيتها في طريق خاو كدت أيأس من وجود ونيس فيه ...وشجن اعتذار متبتل لعدم احترامنا ذكر الموت واستمرار اجتيازه كعرض بلا مغزى ولا معنى في الممر القصير الضيق المسى حياة
ماتت
لا أعرفها لكني أحببتها وأشفقت عليها كأختي النحيفة التي لا تتوقف عن خدمتنا بتفان عفي نبيل مترفع لا يجدي معه نكراننا وصلفنا الذي يدفعنا لاعتبار ذلك حقا طبيعيا لا حاجة بنا لشكره أو الشكر عليه
لا أعرفها
لكني رثيت لها وودت لو أمد يدي عبر حجب الغيب كي ألوح لها مودعا متمنيا أن يكون وداعا مؤقتا نلتقي بعده في ظل رحمة إلهية تذيب بكل الود والوداعة و الحنان آثامي المترامية وخطاياي المتطاولة
لا أعرفها
لكني رغبت أن أقترب منها وأسالها إن كانت تريد شيئا ..لكن ماذا عساها تريد وقد ذهبت إلى من عنده الخير أبعد من مد البصر والبصيرة ...وأعلى من السماء ذات البروج
لا أعرفها
لكني أردت أن أنهار إلى جوارها ممرغا خدي في عتبات القدرة ..أرنو بقلبي نحو عرش ذي الجلال أحط رحالي وأبسط حزني وأفرش ذلي وتوسلي ورجائي وأذرف دموعي وأحكي عن نفسي ..جهلي ..عنادي ..كبري ..نزقي ..ظلمي ..ألمي..رافعا فوق كل ذلك راية بيضاء مرفرفة من طلب الغفران والعفو والرحمة
لا أعرفها
لكني تمنيت لو آخذها وأطوف بها على كل الذين آذيتهم ..ظلمتهم ..جرحتهم ..أهدرتهم ..أهملتهم ..أسأت إليهم ..تعاليت عليهم ...وأطلب منهم أن يسامحوني لأجلها ..إكراما لخاطرها ...ونزولا على شفاعتها
لا أعرفها
لكني رأيتها تبتسم لي ابتسامة من كشف له السر ..وأرى الحقيقة ..وشاهد المستقر ..وعاين المصير ..ابتسامة واثقة مطمئنة تنفث في عالمي الحيران المتداعي ثقة وبشرى مشوبة بتحذير لطيف كأنما صادر عن أمي
* * * * * * * *
كانت مدونة صغيرة على الانترنت ..وكانت مريضة بمرض خطير ..قالت في آخر تدوينة كتبتها أنها ستحكي عن رحلتها معه إذا كتب الله لها الحياة ..وفي تلك التدوينة طلبت من كل من يقرأ أن يدعولها بالشفاء ..هممت بالدعاء لكني تذكرت الآن أنها بين يدي الغفور الرحيم ..نكست تحفزي الطارئ وشرعت أقرأ خبر موتها الذي نقله أخوها على نفس المدونة في تعليق بسيط طالبا من كل من يقرأه أن يدعو لها بالرحمة والمغفرة
لا شك عندي أن الله العظيم المجيد استجاب الدعوات ...شفاها ورحمها ..شفاها من عالمنا ومنا ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ...ومن ظلم الخلائق إلى عدل الخالق ومن مقاساة التلوي ألما إلى التقلب في نعيم رضوانه ..ورحمها من بؤس العيش على هذه الأرض والارتعاش يوميا تحت وطأة أخبارها المحزنة المفجعة
اللهم اغفر لها وأرحمها ..واشملها بعفوك وغفرانك ..واحشرها واحشرنا مع سيد خلقك ونبيك محمد ..لا ملاذ لنا ..ولا ملجأ.. إلا رضاك