Thursday, November 15, 2007

ذهب مع الريح



أنقذني من الرضوخ لفكرة أن الذي حدث يشبه ما يجرى في الأفلام العربي كون ما ذكرني به ورماني في حضنه المؤلم المثير للشجن مشاهدتي مرة أخرى (ذهب مع الريح)..الفيلم الأسطورى ..مدينة الحنين والأحلام السحرية ..والذكريات الجميلة الندية ..التنهيدة الموحية التي بعثها زمان البراءة من ضريحه المهيب في مقبرة الأيام .. بنعومة ولوم لكزنى المشهد الذى التقى فيه (ريت بتلر )ب(سكارليت أوهارا) أمام عربتها ذات الحصان ..كال بتلر لسكارليت عتابا قاسيا مغلفا بالسخرية والمزاح وسألها إن كانت معتادة أن تتزوج رجالا لا تحبهم ؛بعد ما تزوجت من مستر كندى ..ركبت سكارليت عربتها غاضبة ومضت ؛ثم بعد قليل فى مشهد آخر حمل بتلر لها نبأ موت زوجها لأتنفس أنا الصعداء ..هل فقط لأن ذلك يعنى سقوط السد الذى بين بتلر وسكارليت ؛أم لأن تلك إشارة ما ؛أو عينة لما يمكن ان يحدث بشأن صديقى ؟ صديقى ذلك كان أحد أبرز أعضاء شلتنا التى كانت جوهرتها فتاه تشبه فى أشياء كثيرة سكارليت أوهارا ؛لم يكن من بين وجوه الشبه تلك الغضب السريع والانسياق وراء تحقيق المال بأية وسيلة ..كانت بحق رقيقة نبيلة وشاعرة ساحرة العبارة دافقة الخيال ..وكانت (بنت ناس) بحسب اسم العلبة الأنيقة المرصعة بالإحترام المبالغ فيه الذى يغدقه الناس على من يرفلون فى مثل وضعها المادى والإجتماعى الوثير المفعم بالوفرة والذى ساعدها على خلع كل ما يعكر صفو رقتها أو يشوب إبحارها فى عوالم الشعر والخيال ..صديقى وشاعرتنا كانا متقاربين حد التناغم لدرجة أن الجميع قرروا بثقة جارفة أنهما لبعضهما ما لم يحدث أمر ما يذهب بما بينهما مع الريح ..كشلة باركنا هذا التقارب وهيأنا أنفسنا لوقت يتحول ارتباطا وأسرة ..لكن مع الوقت نظر صديقي للأمر على أنه محسوم ومفروغ منه بشكل جعله يتعامل معها كأنها ملك يمين مركون رهن الإشارة ينتظر إيماءة بسيطة لا تكلف شيئا ..أما هى فقد كانت مسالمة لدرجة جعلتها تكتفى بالانتظار الأخرس المحزون ..اكتفت بالتساؤل الصامت مع نفسها حينا ؛ثم لما فاض حملتنا بعضه فى حياء على شكل إخبار مطرق بالخطاب الغارقين فى الأموال والمناصب والأوضاع الإجتماعية المخلة برجحان كفة صديقنا أحيانا ..نقلنا لها الحكاية مستغربين بدورنا (تناحته)وبروده..كان سمجا جدا منه أن يكتفى بإطلاعنا على كونه لم يستعد بعد بالشكل الكافى وكان صادما أن يماطل ـ بلا سبب واضح ـ فى قبول اقتراحنا أن يتقدم لها الآن على سبيل الخطوبة وطبيعى أن يتفق مع أهلها على فترة لإستيفاء الواجبات زخت طرقات الخطاب بضراوة أشد على باب صديقتنا وتناسب ذلك طرديا مع سريان الوهن وشىء من الشعور بالخذلان فى قدرتها على التملص والرفض كما نفدت كل الحجج التى كانت تتعلل بها وتسوف فى الأمر بموجبها إلى أن جاء خاطب بلغ من استكمال المواصفات حدا جعل أهلها يفتحون له الباب على مصراعيه ؛ولم يكن أمامها سوى القبول.
هوى الخبر على صديقنا مروعا وجعله كمن وجد نفسه أمام حقيقة لم يتخيلها أو يفسح لها مجالا في حسبانه ..كان يعول بلا شك - وبلا ضمير أيضا ـ على تعلقها به وانصياع الجواري الذي أرادها أن ترسف فيه حتى يقضى هو أمرا يريد أن يكون مفعولا..لحظتها فقط أفاق ..فعلا أفاق ..كانت السفينة قد أقلعت ولم يكن هو- رغم طول الفرصة ـ قد ألم بالسباحة
باستثنائه، حضرت الشلة كلها الزفاف الضخم الباذخ ..عندما هنأناها كانت نافرة من عينها فرحة مشدودة متوترة من طول الحشد.. تمنينا لها بصدق ورثاء حياة جديدة سعيدة ..وبدا أنها منهكة من كثرة ما استدعت طاقتها على الارتحال صوب هذه الحياة الجديدة صديقنا يسألنا عنها باستمرار ..ولمعرفتي به فأنا على يقين من أنه يعتصر ذاته وهو يتمنى لها التوفيق ويحملنا لها التحية.. وهى تكرس لعشها الزوجي كل كيانها وقدرتها.. أما نحن ..فلا نكف ـ ولا نستطيع ـ عن تذكر الذي كان وذهب مع الريح

1 comment:

محمود said...

انا فعلا بحب فيلم ذهب مع الريح..بس يا طارق انت مش ناوي تتجوز يابني ولا ايه و تحكي لنا حكايتك انت بقى بدل ما كل شيوة تحكلنا حكاية حد من اصدقائك...و بعدين يا عم الدراما رهيبة جدا ...تحياتي يا صديقي العزيز جدا