ترضي الجبان وتصنع الأعذارا
Saturday, May 19, 2007
الشهيد
تتساقط الأوراق آتية من بعيد
مثل رياض ذابلة في السماء
تتساقط مع ايماءة مشحونة
والأرض الثقيلة تسقط في الليل
من كل النجوم في وحدتها
نتساقط جميعا
وتتساقط هذه اليد
أنظر إلى الثانية
السقوط يطال الجميع
لكن أحدا سيهيمن على هذا السقوط باقتدار
(ريلكة)
Thursday, May 17, 2007
بعيدا جدا
تعالى-
أي فظ جلف ذلك الذي يفعل مثلي ويتيبس مثل تليفون محمول منزوع الشحن أمام دعوة ساحرة من هذا الكائن الرقيق الذي نشأت وأنا أحب التطلع إليه والابتسام لكل ما يصدر منه بتبتل وثير.. لكني فعلت، وتسمرت للحظات قبل أن ألبي نداء المثول سعيدا ..كانت لحظات الوجوف قصيرة لكن بعمق عمر مثبت في روحي.. خصوصا المساحة التي زينها حضورها الشفيف ...
كانوا خمسة أو ستة ..طرحوني أرضا في وضع أشبه بالصلب وجلس اثنان منهم على ذراعي المفرودتين قسرا،واثنان آخران امسك كل منهما بإحدى قدمي ووضعها تحت إبطه إمعانا في إحكام الوثاق ثم أخذا يعبثان بأناملهما في باطن القدمين.. وإذا راح واحد أو اثنان آخران يعبراني جيئة وذهابا في مرح أخرق يليق بجيل المستقبل الذي لم يتجاوز بعد الأولى الابتدائية، فإنني كنت متنازعا بين الألم جراء دوسهما على بطني بين لحظة وأخرى وبين رغبة إجبارية في الضحك المجرد بسبب عبث الآخرين بقدمي ..وقبل أن تقفز أمعائي من حلقي بأجزاء من الثانية انشق الزمان و المكان والتاريخ والبحر عنها ..فور أن رأتني هرعت صوبي جارية زاعقة فيهم فانتفضوا وتركوني وفروا ...التقطتني وجعلت تنفض التراب عن وجهي وملابسي وتمسح رأسي بمركب فوار من الفزع والحنان والغضب والشفقة والرغبة في جذب المرح رغم أنفه إلى الموقف حتى تخرجني من شعوري بالانكسار ...لم تكن تعلم أن رذاذ مشاعرها المنعشنسف بلا هوادة أي شعور لدي سوى بهجتي لحضورها ولأنها وحدها التي أنقذتني ..طاردت فلول التراب والطين على يدي وشعري ثم أحاطت كفي بيدها الدافئة وسارت بي في الشارع الطويل الذي يصب في شاطئ البحر دون أن تكف عن إلقاء المداعبات والتوعد لهؤلاء الأشقياء غدا في المدرسة ...كان تعلقي في كفها أكبر إنجاز تخيلته في الدنيا وقتها ..حلمت أن يطول الطريق إلى حيث لا أحد يعرف ..تجاهلت بلذة وصبر آلام رقبتي جراء مدها ورفع رأسي بلا كلل لأعلى لأتلقى كلماتها وأبادلها الابتسام ...اشترت لي شمعدان وسامبا وشيبسي وسرنا نشق زخات الهواء القادمة من البحر فتتضاعف نشوتي وفرحي حتى وصلنا البيت ..عند الباب لم احتج وقتا لأفهم أن وجودها معي أخمد في المهد غضب أمي لتأخري وملابسي المكرمشة الملطخة وشعري المنكوش وحذائي المتسخ .جلست معنا بعض الوقت ثم منحتني ابتسامة وعزاء جديدا لطيفا لما حدث وجددت وعدها بالانتقام لي في الغد ثم استأذنت وانصرفت ..واصلت توديعها من الشرفة وعندما عادت أمي أخذت تتحسسني بشفقة وحنان واحتضنتني وغمرتني بالقبلات وقالت :-(لولا أبلة أمل ما كنش حد عارف هيحصلك إيه ؟)...ثم دعت لها بأن ترزق بابن الحلال ...هنا دهسني شعور سخيف قابض لم أعرف اسمه أو تفسيره لكنه استولى علي طوال الحمام الساخن الذي غطستني فيه أمي لإزالة آثار العدوان.. لأيام بعد ذلك الحادث غرقت في موضوع ابن الحلال هذا.. ..هل يكون ابن حلال من يسطو على هذا المخلوق الرائع ويأخذه بعيدا ؟...وجاء ابن الحلال ..وذهبت مع أمي وأبي لتهنئتهما..وصافحني وحاول ملاطفتي إلا أنني جفوته كمسألة مبدأ لا يقبل الفصال أو المراجعة ..ثم أخذها بعيدا ..ومضيت أنا صوب بعيد آخر ..ولآن الحياة ليس فيها أي خطوط متوازية، بل كل خطوطها متقاطعة حتى الاشتباك فقد أخبرتني أمي في اتصال هاتفي أن أبلة أمل عادت من الخارج بصحبة زوجها ...ثم حشت بضع ثوان بحوقلة و دعوات شفاء ورحمة ولطف أخبرتني بعدها أن ورما خبيثا زعم أن له نصيبا فيها وهجم لأخذه ..وأنها أخبرتها أنها عادت لتموت هنا ..- تعالى ..لا الهزال ولا الشحوب ولا حتى مشروع سرطان قومي من عصر الإنجازات الكبرى يفلح أن ينال من بريقها وبهائها والبهجة الحلمية التي تبثها في الوجود ...عندما دنوت منها في غرفتها بالمستشفى هب من ناحيتها هواء البحر وأمطرت الدنيا شمعدان وسامبا وشيبسي ..شعرت بحميمية تجاه زوجها وأنا أصافحه ..لم يعد ذلك الرخ الذي انتزعها وذهب بعيدا..ربما لأن ثمة بعيدا جدا يخيم ...أبعد من أي شيء..يلوح بقدرته على أخذها ..ربما ...
Subscribe to:
Posts (Atom)