Tuesday, August 28, 2007

حديث الحزن

أعود مثل موجة تجرجر أذيال وفاض فاحش الخواء بعد انكسارة جديدة على الشاطىء وتنحسر راجعة بلا مكسب سوى الأمل في عودة قادمة ،لا يهم أن تنتهي بانكسارة جديدة
أنحط على كرسيي الذي شهد معي ملايين اللحظات الشبيهة ولم ييأس
أرمي خيباتي الاختيارية الوفيرة و أرمقها وليس لدي ما أواسيها به ونفسي سوى دفقات جديدة من الحزن من خزائن حزني التي لا تنفد ،التي أوتيت منها -بفضل الله-ما إن مفاتحه لتنوء بعصبة من الأفراح الوهمية أولات القوة
في مثل هذه اللحظات ،أزداد يقينا أن الإنسان يكون في أصدق حالاته وأكثرها شفافية وهو حزين
يوقع معاهدة سلام جديدة مع ضعفه ..فلحظتها فقط تكون بصيرته أصفى و أكثر نفاذا ،ورؤيته أوسع و أشمل إحاطة،والأشياء تكون قد خلعت غبار الأيام الزائفة واكتست بريقا يحيلها ناصعة وادعة حميمة
ولحظتها فقط تصبغ الشفقة والرثاء نظرة الإنسان للعالم والناس
يستشعر أنه مشدود إليهم بنفس حبال المعاناة والانخراط اللاإرادي في نفس السلسلة اللنهائية من الكبوات والإخفاقات وأنهم معا يلهثون في نفس مشوار الوجع المنهك
في غمرة وحضرة تلك المشاعر يتلفع الوجدان بحالة حنين بالغة الرهافة ..لو عرفها أصحاب الفخامة والجلالة والسمو والبلادة والبلاهة والبجاحة والفجاجة والوقاحة والسماجة لقاتلوا أصحابها عليها بالسيوف ودونكات الكهرباء والسياط والرشاشات والأربي جيهات
تخف مع تلك الحالة حسرتي لكوني لم أربح شيئا ملموسا حتى الآن ،المهم هو أن نفسي إلى جواري ..تشد أزري ..تشاركني أمري..قبل أن أهم بتحسسها تهرع هي لنجدتي والشد على يدي ..المهم هو أنني بمدد الله أقاوم الانطفاء ..أنني مازلت برحمة الله قادرا على سكب الحزن مدرارا على جسد العمر الذي ينتظر ما يأتي وما لا يأتي ..المهم أنني قادر على حشد مصادر قرفي و بواعث حنقي ومهيجات غضبي ومفجرات كمدي في صعيد واحد ثم أقول لهم بالفم المليان:اذهبوا فأنتم الطلقاء ..أريحوني واستريحوا..حلوا عن سما أهلي
المهم أنني لم أتنكب الطريق بما يصعب معه الرجوع وتزول معالم الهدى

ذات موت


ماتت
هكذا ..لفظة بسيطة ..باهتة ...معتادة ...مرمية على قارعة موضوع قصير في مدونة صديق لي
قابلت مثلها مرارا وتكرارا وأقصى ما أظهرته هو شيء من الإطراق الروتيني وإطلاق عبارات ترحم فاترة أوحى بها لنفسي أنني أعتبر وأتعظ بموت هذا أو هذه أو ذاك أو تلك ...لكني هذه المرة ارتطمت بها ...ماتت ..تسمرت لوهلة ..كانت الكلمة الصغيرة فوهة دقيقة لبركان هائج مهول بطول الوجود وعرضه وعمق الحياة وغموضها وبعد الأحلام والأماني وارتفاع جبال الظلم التي يحكم الزبانية الأرض من قلاعهم السوداء الشيطانية المظلمة الدامية فوقها ...لكن أيضا ...بعذوبة و حميمية وبرد يقين انتهز الفرصة ليعلن عن نفسه ويثبت وجوده ...وإثارة حقيقة ناضرة التقيتها في طريق خاو كدت أيأس من وجود ونيس فيه ...وشجن اعتذار متبتل لعدم احترامنا ذكر الموت واستمرار اجتيازه كعرض بلا مغزى ولا معنى في الممر القصير الضيق المسى حياة
ماتت
لا أعرفها لكني أحببتها وأشفقت عليها كأختي النحيفة التي لا تتوقف عن خدمتنا بتفان عفي نبيل مترفع لا يجدي معه نكراننا وصلفنا الذي يدفعنا لاعتبار ذلك حقا طبيعيا لا حاجة بنا لشكره أو الشكر عليه
لا أعرفها
لكني رثيت لها وودت لو أمد يدي عبر حجب الغيب كي ألوح لها مودعا متمنيا أن يكون وداعا مؤقتا نلتقي بعده في ظل رحمة إلهية تذيب بكل الود والوداعة و الحنان آثامي المترامية وخطاياي المتطاولة
لا أعرفها
لكني رغبت أن أقترب منها وأسالها إن كانت تريد شيئا ..لكن ماذا عساها تريد وقد ذهبت إلى من عنده الخير أبعد من مد البصر والبصيرة ...وأعلى من السماء ذات البروج
لا أعرفها
لكني أردت أن أنهار إلى جوارها ممرغا خدي في عتبات القدرة ..أرنو بقلبي نحو عرش ذي الجلال أحط رحالي وأبسط حزني وأفرش ذلي وتوسلي ورجائي وأذرف دموعي وأحكي عن نفسي ..جهلي ..عنادي ..كبري ..نزقي ..ظلمي ..ألمي..رافعا فوق كل ذلك راية بيضاء مرفرفة من طلب الغفران والعفو والرحمة
لا أعرفها
لكني تمنيت لو آخذها وأطوف بها على كل الذين آذيتهم ..ظلمتهم ..جرحتهم ..أهدرتهم ..أهملتهم ..أسأت إليهم ..تعاليت عليهم ...وأطلب منهم أن يسامحوني لأجلها ..إكراما لخاطرها ...ونزولا على شفاعتها
لا أعرفها
لكني رأيتها تبتسم لي ابتسامة من كشف له السر ..وأرى الحقيقة ..وشاهد المستقر ..وعاين المصير ..ابتسامة واثقة مطمئنة تنفث في عالمي الحيران المتداعي ثقة وبشرى مشوبة بتحذير لطيف كأنما صادر عن أمي
* * * * * * * *
كانت مدونة صغيرة على الانترنت ..وكانت مريضة بمرض خطير ..قالت في آخر تدوينة كتبتها أنها ستحكي عن رحلتها معه إذا كتب الله لها الحياة ..وفي تلك التدوينة طلبت من كل من يقرأ أن يدعولها بالشفاء ..هممت بالدعاء لكني تذكرت الآن أنها بين يدي الغفور الرحيم ..نكست تحفزي الطارئ وشرعت أقرأ خبر موتها الذي نقله أخوها على نفس المدونة في تعليق بسيط طالبا من كل من يقرأه أن يدعو لها بالرحمة والمغفرة
لا شك عندي أن الله العظيم المجيد استجاب الدعوات ...شفاها ورحمها ..شفاها من عالمنا ومنا ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ...ومن ظلم الخلائق إلى عدل الخالق ومن مقاساة التلوي ألما إلى التقلب في نعيم رضوانه ..ورحمها من بؤس العيش على هذه الأرض والارتعاش يوميا تحت وطأة أخبارها المحزنة المفجعة
اللهم اغفر لها وأرحمها ..واشملها بعفوك وغفرانك ..واحشرها واحشرنا مع سيد خلقك ونبيك محمد ..لا ملاذ لنا ..ولا ملجأ.. إلا رضاك

ألطاف

يا لوقتي المحموم الصاخب..كيف انشق عنها؟
أو كيف انسلت هي من بين ثقوبه؟
يال غضبي الفوار..كيف خر صعقا عندما لامسه مجالها الشفيف؟
يالولعي بالمراء الحارق للود..كيف ابتلع لسانه وانفقأ من تلقاء نفسه بمجرد ما جابهته حقيقتها الباهرة؟
يالقدرتي الجهنمية على التملص والمراوغة ..كيف خارت وتركتني أذعن مأخوذا فاقد السيطرة على نفسي؟
إنها حيثما حلت أحدثت نورا.. ونصبت أفراحا مديدة تتصاعد منها الألحان الخارجة على قوانين عالمنا
إنها أينما ولت ..نثرت بهجة لو مزجت بماء البحور مجتمعة لمزجته
و هى في أي صوب نظرت عم سكون ناعم..وأمان ملون
وكل إنسان أشارت له حل قلبه رضا ..وانبثق يقين..وسطعت حكمة..وانهمر سلام..
ألطافك يا ربي..
معجزة لا يحيط بها الفهم

Tuesday, August 21, 2007

المستقبل في جيب الحكومة

نقلا عن موقع: (ثروة مصر

كتب: طارق قاسم

لو كان مسئولو مصر كائنات فضائية أو مخلوقات مهجنة في المختبرات لتعاملوا بإنسانية أكثر وفهم أكبر وعطف أشد وجدية واهتمام أعمق مع مشكلات المصريين ...لكن الإنسان بوسعه أن يكون أي شيء بما في ذلك عدوا - بقصد أو بدون قصد- لأهله وبني جلدته عندما تستحكم في نفسه آفة الصلف ويلبس نظارة سوداء من التعالي واحتكار الحقيقة والحق في تقرير مصير الآخرين ...
دائما ما يتعاطى المسئولون في مصر مع مشكلاتنا من منطلق أن الناس قصر :همج ..غوغاء.. لا يعرفون مصلحتهم أو مصلحة البلد ..وبنفس الروح الديكتاتورية التي تصر على أن الإصلاح الاقتصادي المزعوم الذي بدأ منذ 26 عاما لم يثمر بعد وأن على الناس الانتظار وعدم العجلة فإننا نرى كافة الوزراء ومن هم في مواقع المسئولية المختلفة يتحدثون باستمرار عن أن سياساتهم التي تحقق الضنك بامتياز وتجلب الخراب المستعجل بسرعة في الأداء ودقة في التنفيذ عاليتين هما عين الحكمة وكبد التخطيط السليم الذي يشق ببصيرته حجب الغيب ويعمل للمستقبل وأن آثار هذه السياسات لن تظهر في القريب العاجل تحت أقدام الدهماء "الشعب" ....هذه الفلسفة هي عقيدة ودستور حكامنا منذ انفلق صباح أحول عن: "بني وطني ...اجتازت البلاد فترة عصيبة من الفساد ...والرشوة ...وعدم استقرار الحكم .."
وحمل ذلك الصباح كوديا اسم :(23 يوليو) والمحصلة أن كل نظام من الأنظمة التي حكمتنا فعلا يعمل للمستقبل الذي لا يأتي إلا بعد رحيله ..لكنه يأتي بالانهيار ...والفساد واهتراء البنيتين التحتية والفوقية ..وضياع كل أحلام المصريين في أيام أفضل.
ومع استمرار نقع المسئول من هؤلاء في سوائل الحكمة الإدارية اللزجة والتخطيط الأحادي للمستقبل الذي لا ولن ولم ومستحيل يأتي، يتولد حول المسئول غلاف من البلادة والحصانة ضد الإحساس بالناس ومعاناتهم ...والتوحد في فكرة أن كل مليون يضيفه لحسابه الخاص هو إضافة لمصر والمصريين وأن كل امتياز يجنيه من وراء منصبه هو إنجاز يضع لبنة في مستقبل مصر ...وهكذا تتفاقم العزلة وترتفع الأسوار ومع كل ارتفاع وكل نوبة تمرغ في نعم السلطة يزداد احتقار المسئول للناس ..وقدرته على سحلهم بدم بارد ....ويزداد استمساكه بوجهه البارد المسنون الذي ينشر به أحلام المصريين نشرا ..
يوما، كونا لجنة طلابية لمقابلة وزير تعليم عال سابق وعرض مشكلات طلاب الجامعة عليه وكان أهمها ارتفاع سعر الكتاب الجامعي واشتداد القبضة الأمنية على الطلاب الذين يمارسون نشاطا سياسيا ..وكان يخيم على الأفق مع بداية العام الدراسي الجديد موضوع طرد حوالي 900 طالب من السكن بالمدن الجامعية لعدة جامعات ...استقبلنا الرجل في مكتبه وبمجرد أن رأيت المكتب والبذلة التي كان يرتديها تعزز يقيني في أننا سوف نحمل في خروجنا مصنعا لأخفاف حنين ...
جلس الرجل معنا بابتسامته المثبتة بعناية بحدود ثابتة لا تزيد ولا تنقص ووجهه الذي ينطق بالدعة والثراء وعباراته المطاطة الواسعة التي بين طرفيها بعد المشرقين.. نفى الرجل كل شيء ..ورغم كل الوثائق والأوراق والصور التي قدمناها له تحدانا أن نثبت أي شيء مما نقول ...ورغم الإحصائيات الدولية التي أفادت بخروج الجامعات المصرية كلها من تصنيف أفضل "500 جامعة" على مستوى العالم إلا أن الرجل أصر على أن جامعات مصر من أحسن الجامعات في التاريخ ...وبمنتهى الثقة أرجع المسألة لكوننا لسنا متخصصين حتى نفهم ...وأننا باندفاع الشباب نتعجل ثمرات التطوير ..هذا الوزير كان ابنا لوزير سابق وخلفه الوزير "هاني هلال" الذي يدرس أبناؤه في السوربون بباريس ..وبدوره يتحدى الرجل كافة الأرقام والوثائق التي تؤكد انهيار التعليم المصري .يصر على ان الجميع لا يفهمون ...ويعلن باستمرار توسعه في التعليم الخاص ..لإصلاح التعليم الحكومي ..كيف هذا ..وحده هو يفهم ...وعلينا أن ننتظر بدون عجلة ثمار الإصلاح التي سوف تأتي في المستقبل ..متى هذا المستقبل؟ ..لم يحدد الوزير بعد ...
وزير الإسكان صاحب الفنادق والقصور ..المهندس أحمد المغربي لم يقدم حتى الآن حلولا علمية منهجية عملية لأزمة العطش القومي بسبب الحرمان من المياه في ربع مصر تقريبا ..فقط وعود مدعومة باتهام الناس بقلة الصبر وتعجل حل الأزمة ومخططات لمحطات مياه سوف تؤتي ثمارها في المستقبل ..
وزارة الطيران المدني بقيادة الفريق أحمد شفيق ...هدمت عدة وحدات سكنية في منطقة مساكن الشيراتون بالقاهرة لمجرد أنها ترى أن ارتفاعها يهدد سلامة الطيران لأنها قريبة من مطار القاهرة ...طيب لماذا استمر الطيران سليما معافى طوال العقود الماضية ولم يشتك سيادة الطيران من ارتفاع تلك المساكن علما بأنه تم الإبقاء على العديد من المباني والعمارات الأخرى بدون سبب إلا أنها تخص علية القوم ..لكن المشكلة تكمن- بحسب الوزارة- أن الناس تندفع وبدون تفكير وتتهم الحكومة التي هي أدرى بصالح البلاد والعباد ..
وزير الاتصالات د. طارق كامل أشعل أزمة أسعار الانترنت بدعوى مقاومة الوصلات الفرعية التي لجأ إليها الناس بسبب ارتفاع أسعار الاشتراكات ثم ترك المشكلة ملتهبة وسافر لقضاء إجازته بألمانيا، البلد الذي حصل منه على الدكتوراه بعد تصريحات طويلة كثيرة بأن الناس لا تدرك أبعاد قرارات الوزارة الجديدة ...ولا تفهم التخطيط للمستقبل ...
هكذا يبدو المستقبل الذي لا يهتم العوام بالإعداد له كيانا هلاميا مقززا غير مفهوم ...وأسراره فقط في جيب الحكومة

حدث ذات فيروز

نقلا عن موقع (ثروة مصر
كتب: طارق قاسم

تما ما مثلما قالت فيروز كأنها رأتهما:
بديت القصة تحت الشتي
خلصت القصة بتاني شتية
*************
في أحد الشتاءات دعوتهما لزفاف أختي، الاثنان جاءا متأخرين في نفس التوقيت, على الباب اكتشفا أنهما جاءا لنفس السبب عندما سألا بعضهما عن الزفاف في أي من قاعات الدار يكون؟..بحثا سويا عن القاعة حتى وصلا..استقبلتهما بفرحة مضاعفة تليق بقدومهما المشترك..تركته عند مدخل قاعة الرجال ثم اصطحبتها حتى سلمتها لأمي عند مدخل قاعة النساء..بعد الفرح علمت أنهما تقابلا ثانية –صدفة كذلك- أثناء الانصراف و أنه انتظر معها حتى ركبت تاكسي العودة، بعدها عاد هو سيرا على الأقدام قاطعا ما لا يقل عن خمسة عشرة محطة بمقياسنا نحن المصريين للمسافات وهو يفكر في ملايين الأشياء الجميلة التي زخت على ذهنه بشكل مفاجىء ولطيف.
في برود مفتعل واتزان مثقب بالتشوف الواضح الذي كان يهوي من عل بطاقة اكبر من كل أطنان الالتواء والتخفي جعلاني-برضا تام وسعادة من جانبي- سنترالا وحامل سلامات إلى كل منهما من الآخر وكنت استشعر بهجة حقيقية بالفرح القافز من العيون والمتضوع من الصوت ،وتحينت الفرص لأضعهما أمام بعضهما في احتكاك مباشر حتى أطلت واحدة عندما طلبت هي مني أن أدلها على شركة موثوقة تشتري منها (لاب توب) ،على الفور أعطيتها رقم تليفونه وأنا أسال نفسي:
هل معقول أن ذلك الاحمق لم يخبرها عن عمله أثناء انتظار التاكسي؟
اشترت اللاب توب من الشركة التى يعمل بها وبحجة السؤال عن صحة اللاب توب وصيانته دوريا أينعت حدائق الود المرشوشة بأنداء التقدير والاعجاب المتبادلين.
وعلى حس حضرة اللاب توب أطل كل منهما من شرفة واسعة على الآخر ثم أطلا من شرفة مشتركة على الدنيا ..أطاحا في الطريق بكل جبال اختلاف الرؤى وتقييم الأشياء الناتجة عن انتماء كل منهما الى مدرسة مختلفة في التدين ،لأجلها سمع محاضرات عمرو خالد وهو المريد الشغوف لوجدي غنيم ،ولأجله ارتدت الخمار وهي التي كانت ترى لابساته معرضات عن الزينة الحلال مضيقات لما وسعت الشريعة ،لكن الصدام الذي جرف حدائق الوفاق كان بسبب واقعة الدنمارك الشهيرة..عندما سافر عمرو خالد مع آخرين إلى هناك بزعم شرح الإسلام لمن أهانوا الرسول الكريم .. الجو الصناعي المكيف الذي جلس فيه دعاتنا مع شقراوات الدنمارك غير العابئات بهم ولا بنا في ظل طناش وكبر صليبيين، خنق التفاهم وعلى أنقاضه أخذت تمرح عفاريت الصدام والاتهام ..هو اصبح يرى فيها فقط بنتا مدللة تبحث عن التدين المودرن المنعش الذي يجمل الحياة ،وهي أصبحت لا تقرأ فيه سوى ميول التشدد ونزعات الانغلاق..كنت طوال ذلك أمارس بدأب وفزع دور المراقب المسئول عن تفسير وجهات النظر وتمكنت من تهدئة الأجواء واقناعهما بأن كل تلك الخلافات لا تستحق أن تدمر ما بينهما خصوصا وأن الأمور كانت تتجه صوب الزواج.
كان واضحا أن المسألة لا علاقة لها بعمرو خالد ولا الدنمارك ولكنها فورانات وانفجارات ضرورية لتفاعل بين عنصرين من عناصر الحياة يعتزمان الاندماج في كيان مشترك..مجرد اختلاف طفيف في ترجمة بعض فقرات السيناريو من طرفين كان كل منهما حتى وقت قريب يتحدث لغة بعيدة نسبيا عن الآخر ..
مجددا هب الاستقرار عذبا شفيفا موحيا أن الأيام المقبلة دفء خالص ..لكن أهلها الذين انتظروه في الليلة المقررة لقراءة الفاتحة لم يجدوه لان أمن الدولة انتزعه حتى من نفسه..قضى شهرا تحت التعذيب والظلام والكهرباء والإهانات ..خرج صلبا هذا صحيح لكن يبدو أن الله منحه تلك القوة ليواجه بها رفض أهلها الصارم والصارخ لاتمام الزواج ..قال لي أبوها :كيف أزوجها لمتشدد حياته في مهب الخطر؟
جاهدت كي أقنعه أن ما حدث لصديقي شرف له ولنا وشهادة من الظالمين أنه رجل في زمن الخنوع..لان الرجل بشان تلك النقطة لكنه أصر على أن حياة ابنته في ظل تلك الزيجة ستكون عذابا لأن من تضعه الحكومة في رأسها تحول حياته الى جحيم..
التقى ثلاثتنا مرارا لبحث الموقف. ابتكرنا عشرات الحيل ..وسطنا العديد من المعارف والأقارب..أمام إصرار المسكينة وجزعها صعد أبوها من لهجته واتهمها بالعقوق ثم الفجور والانحراف لأنها تخالف مشيئته بالرغبة في الزواج من شخص لا يرضى هو عنه، وفتح الدرج واستخرج كل الآيات والأحاديث الشريفة التي تتحدث عن بر الوالدين وأن زواج الفتاة بغير موافقة أهلها عهر وإغضاب للخالق..خيرها بين رضاه وبين زواجها من صديقي..كان الاختيار محسوما.
الشتاء التالي قرأ أبوها فاتحتها على محاسب يعمل في شركة محمول شهيرة وسافر صديقي لأداء العمرة بعدها مباشرة حصل على عقد للعمل بالخليج
****************
شو نفع البكي؟
شو الو معنى بعد الحكى؟
قصص كبيرة
وليالي سهر وغيرة
تخلص بكلمة صغيرة